لغة نازک الملائکة الشعریة

 اهتم العرب بلغتهم كثيراً وتحدثوا عن لغة الكتاب والشعراء، فقال ابن رشيق:(وللشعراء الفاظ معروفة وامثلة مألوفة لا ينبغي للشاعر ان يعدوها ولا ان يستعمل غيرها، كما ان الكتاب اصطلحوا على الفاظ بأعيانها سمّوها الكتابية لا يتجاوزونها الى سواها الا ان يريد شاعر ان يتظرف باستعمال لفظ اعجمي فيستعمله في الندرة وعلى سبيل الخطرة) ونبهوا الى ما يكرر الاديب او المتحدث من الفاظ، فقال الجاحظ: (ولكل قوم الفاظ حظيت عندهم وكذلك كل بليغ في الارض وصاحب كلام منثور،

 وكل شاعر في الارض وصاحب كلام موزون فلابد من ان يكون قد لهج وألّف الفاظاً بعينها ليديرها في كلامه وان كان واسع العلم، غزير المعاني، كثير اللفظ)، وعقدوا فصولاً للالفاظ وكان مقدراً لتلك البحوث ان تبقى مزدهرة لولا ما أصاب اللغة العربية من جمود في العهود المتأخرة فانحصر البحث اللغوي في المعاجم او في المقدمات التي كانت تعرض للفصاحة في كتب البلاغة المتأخرة. واولى العلماء في مطلع القرن العشرين النقد اللغوي اهمية كبيرة ولكن النقد حينما تأثر بالفكر الغربي واخذت التيارت الاجنبية تصطرع اصبح ذلك النقد في الظل وصار النقاد لا يعرضون لأحكامه الا في بعض الاحيان ولا يلتمسونه الا حينما يتحدثون عن الفصاحة وشروط اللفظة المفردة، وهو ما وقف عليه البلاغيون جهودهم في القديم، وليس ذلك بصحيح، لأن النقد اللغوي من اهم ما ينبغي الالتفات اليه، واثار ذلك العزوف الباحثين وتحدثوا عنه وذكروا اهمال المعاصرين له، وكانت الشاعرة نازك الملائكة من اكثرهم حماسة للعناية باللغة، وكتبت بحثاً عن (الناقد العربي والمسؤولية اللغوية) قالت في مطلعه (تتجلى لمن يراقب النقد العربي المعاصر ظاهرة خطيرة شائعة فيه، ملخصها ان النقاد يتغاضون تغاضياً تاماً عن الاخطاء اللغوية والنحوية والاملائية، فلا يشيرون اليها ولا يحتجون عليها وكأنهم بذلك يفترضون ان من حق اي انسان ان يمزق القواعد الراسخة وان يصوغ الكلمات على غير القياس الوارد وان يبتدع انماطاً من التعابير الركيكة التي تخدش السمع المرهف، وكأن من واجب الناقد ان يوافق على ذلك كله موافقة تامة فلا يشير الى الاخطاء ولا يحاول حتى ان يعطي تلك الاخطاء تخريجاً او مسامحة، ولقد اصبح هذا التغافل هو القانون النافذ في كل نقد تنشره الصحف الادبية حتى لقد يتصدى الناقد الى نقد ديوان شعر مشحون بالاغلاط المخجلة، فلا يزيد على ان يكيل كلمات الاعجاب للشاعر على تجديده وابداعه مهملاً التعليق ولو بكلمة زجر عابرة على فوضى التعابير والاخطاء.
أفلا ينطوي هذا الموقف من النقاد على تشجيع واضح للجيل كله على الاستهانة باللغة العربية والاستخفاف بقواعدها الرصينة؟ والى أي مدى ينبغي ان يعد الناقد نفسه مسؤولاً عن لغة الشعر المعاصر) وترى ان ازدراء الناقد للجانب اللغوي ليس الا صورة من ازدراء الشاعر نفسه للغته وقواعدها، فقد استقر في اذهان الشباب ان الاهتمام باللغة والحرص على قواعدها يدلان على جمود فكري، ولذلك اخذ بعضهم يزدري اللغة ويهمل المقاييس بقواعد اللغة لذاتها ولا تحب ان تنصب مشانق ادبية لكل من يستعمل لفظته استعمالاً يهبها حياة جديدة او يدعو الى الاستغناء عن بعض شكليات النحو البالية، بل تؤمن ايماناً عميقاً بالتجديد المبدع وتعتقد ان هذا التجديد لا يتم الا على ايدي الشعراء والكتاب والنقاد المثقفين الموهوبين. تقول: (ان الشاعر بإحساسه المرهف وسمعه اللغوي الدقيق يمد للالفاظ معاني جديدة لم تكن لها، وقد يخرق قاعدة مدفوعاً بحسه الفني فلا يسيء الى اللغة وانما يشدها الى الامام، الشاعر او الاديب اذن هو الذين تتطور على يديه اللغة، اما النحوي واللغوي فلا شأن لهما به، النحوي واللغوي عليهما واجب واحد هام، واجب الملاحظة واستخلاص قواعد عامة من كلام المرهفين من الكتاب والشعراء، على ان الاديب الذي سنتفق على تسميته مرهفاً.. لابد ان يملك ثقافة عميقة تمتد جذورها في صميم الادب المحلي قديمه وحديثه من اطلاع واسع على ادب امة اجنبية واحدة على الاقل، بحيث يتهيأ له حس لغوي قوي لا يستطيع معه ان هو خلق الا ان يكون ما خلق جمالاً وسمواً، فاذا خرق قاعدة او اضاف لوناً الى لفظة او صنع تعبيراً جديداً احسسنا انه ا حسن صنعاً وامكن لنا ان نعد ما أبدع وخرق قاعدة ذهبية.
ان الشاعرة نازك الملائكة ناقدة لغوية، وهي لا تريد ان تنحدر لغة الادب المعاصر، ولذلك وجهة عنايتها الى هذا الجانب منذ عهد مبكر وفي مقدمة ديوانها (شظايا ورماد) شيء من ذلك، ثم برزت عنايتها في كتاب (قضايا الشعر المعاصر) وكتاب (الصومعة والشرفة الحمراء) ومن آرائها ان (اللغة ان لم تركض مع الحياة ماتت) وان (اللغة العربية لم تكتسب بعد قوة الايحاء التي تستطيع بها مواجهة اعاصير القلق والتحرق التي تملأ انفسنا اليوم. انها قد كانت يوماً لغة موحية تتحرك وتضحك وتبكي وتعصف ثم ابتليت بأجيال من الذين يجيدون التحنيط وصنع التماثيبل فصنعوا من الفاظها نسخاً جاهزة ووزعوها على كتابهم وشعرائهم دون ان يدركوا ان ان شاعراً واحداً قد يصنع للغة ما لا يصنعه الف نحوي ولغوي مجتمعين).
ودعت الى ان يدخل الاديب المرهف (تغييراً جوهرياً على القاموس اللفظي المستعمل في ادب عصره فيترك استعمال طائفة من الالفاظ التي كانت مستعملة في القرن المنصرم ويدخل مكانها الفاظاً جديدة لم تكن مستعملة، وذلك لأن الالفاظ تخلق كما يخلق كل شيء يمر عليه اصبع الاستعمال في هذه الحياة المتغيرة، وهي تكتسب بمرور السنين جموداً يسبغه عليها التكرار فتفقد معانيها الفرعية شيئاً فشيئاً ويصبح لها معنى واحد محدد يشكل عاطفة الاديب ويحول دون حرية التعبير، ثم ان الاذن البشرية تمل الصور المألوفة والاصوات التي تتكرر وتستطيع ان تجردها من كثير من معانيها وحياتها.

 







اللغة الشعریة

اللغة الشعرية هي ذلك الوعاء الذي يحمل مشاعر الشاعر وأحاسيسه ..


فهي نتاج تلاحم وانصهار اللفظ مع المعنى مكونا نسيج جديد أو مولود جديد نسميه النص..


فقد تمخض هذا النص من رحم دلالات لغوية بديعية واتحاد بين التعبير والمضمون ..


في إطار البيئة التجريبية للشاعر ..


فهي مزيجا لفنون وآداب وتجارب مر بها الشاعر واختزلها في عقله الباطن ..


مكونة له نبراس وضوء تنير له المعاني كلما أراد أن ينسج منها نصا فنيا مميزا ..


فالكلمات تتبع الصورة الشعرية وهي في نفس الوقت داخلة في اللغة..


وهي بطبعها غير مرتبه أو منظمه بل تأتي حسب الطقوس الحسية والشعورية لحظة كتابة النص. .


فما يطرحه من الأطروحات والانفعالات في نصوصه ما هي إلى تراكمات لغوية يختزنها الشاعر في مخزونه الغوي فيعبر عن ما يختلجه وينتابه ..


وهيا جسرا بين الشاعر والمتلقي ينقل خلالها عواطفه وقلقه وتأملاته ..


فهو يتعدى بنا التقريرية ويمضي بنا قدما نحو التعبير عن خلجاتنا


وما يحتويه من دفء وحنان ورضى وغضب شوق ووله شموخ وكبرياء في حس شاعري


بين الخيال والواقع بين الوعي ولا وعي..


فتكون لغته مشحونة وصدى لأعماق نفسه ومدى لأوراق بوحه ..


فيختلف الشعراء بعضهم عن بعض في دقة إيصال المعنى المراد كل حسب لغته

وكيفية التعامل مع أسرارها ومكنوناتها ..


من هنا نستطيع القول بأن اللغة الشعرية جامدة بطبعها ..


وهنا يأتي دور الشاعر الماهر بتفجيرها وتحويلها إلى شظايا وحمما بركانية من المشاعر والشعور..


بكل صدق وحرارة وجدانية كل حسب الوعي والقدرة في توليد مناخات مناسبة لأحتوى هذا الدفء وإصاله للوجدان ..


إذاً هيا البناء الذي يبني عليها الشاعر نصه ..


وهيا السبيل الوحيد للوصول إلى ذات المتلقي وإثارته ..


وليست اللغة الشعرية محصورة على حفظ آلاف الكلمات فقط بل يجب أن تصب هذه الكلمات في قوالب تناسب مدلولها ولفظها وجرسها ..


كي نصل إلى عمل فني إبداعي ..


عمل متناغم ومتوافق مع دلالاته الجديدة ومعطيات النص المراد إيصالها ..


بعيدا كل البعد عن الاضطراب والركاكة ..


كما أن لكل شاعر معجم شعري وله تراكيبه خاص به..


فتجده غالبا يدور في فلكه الغوي وكلماته المكررة ومعانيه الخاصة وقد نميزهفي أحيانا كثيرة عن غيره من حيث الفظ وإيقاعه الذي يلازمه ويحدد ذاتيته منخلال نصوصه..


فتتجلى بها انفعالاته ورؤاه خلال اللغة نتعرف من خلالها الي ثقافة هذا الشاعر ..


فالشاعر المتميز بلغته الشعرية هوا ما يوجد الموضوع ويسكبه لنا ببراعته ودقته التصويرية..


أي يفرز لغته الخاصة التي لا تعبر عن الموضوع فقط بل تتعداهنحو البناء المتكامل ..


باتصال متزامن دون إنفصال أو تشويه..

اللغة الشعرية بين الشعر القديم والشعر المعاصر

لمياء الرداوي
الاربعاء 5/10/2005
شهد مقر اتحاد الكتاب بدير الزور في الاسبوع المنصرم محاضرة أدبية وشعرية قيمة ألقاها الدكتور أحمد الدريس تحت عنوان اللغة الشعرية بين الشعر القديم والشعر المعاصر تحدث الدكتور فيها عن تطور لغة الشعر العربي قائلاً : إن اللغة أداة التواصل نفعياً وجمالياً تتطور

بتطور المجتمعات ، وتتراجع بتراجعها ، إنها كالكائن الحي في تناميه ، ولهذا فقد انصرف جهد الباحثين الى الغوص في عوامل نشوء اللغات وارتقائها وما تؤديه من قيمة تعبيرية ووظيفية ، أو إبداعية ، ولنا فيما تركه الاسلاف حول ذلك زاد وفير وإرث جمّ غفير .‏

هذا وتناول الدكتور الدريس إشكالية تواجه حقيقة النص الإبداعي ألا وهي أن القارئ يقرأ النص من خلال الناقد ، فالمطلوب ممن يتلقى الشعر أن يتحول الى ناقد للنص فالكثير من نقادنا يقوّمون الرأي على رأي قديم .‏

ومضى الدكتور الى فكرة مفادها أننا يجب أن نبحث في الاصل والينابيع لأن مشكلة الدراسة الأدبية نقلية ، نحن لم نطور ولم نبدع في مسألة النقد الادبي ، لذلك لم تتشكل نظرية نقدية والسبب الحالة التراكمية في النقل ولم يتح مشروعاً للنقد وإن تأسس لأدبنا العربي مسألة اللغة الشعرية سواء ما أثير حول لغة الإدهاش والغرابة ولغة البساطة والوضوح ( لغة الحياة اليومية ( ، ولو شئنا تقصي آراء أدونيس في اللغة الشعرية لوجدنا ها تتلخص في استخراج الطاقات الكامنة في اللغة عن طريق الثورة على مفهومها القديم ، واكتشاف لغة غير معروفة هي لغة المستقبل حيث يرى أدونيس أن اللغة الشعرية تكشف عن الإمكان أو عن الاحتمال أي عن المستقبل وبذلك تتجاوز قيمتها الايضاحية ، لأن لغة الشعر أكثر من وسيلة للتفاهم في رأيه لكن أدونيس لايقف عند حدّ الكشف عن إمكانيات اللغة ضمن حدود المنطق وإنما يتجاوز هذه الدعوة الى مايمكن أن يسمى باللغة المتمردة على الحدود والتصورات ، غير أن مثل هذا التنظير لم يتحقق في شعر أدونيس نفسه كما لم يتحقق في أغلب الشعر المعاصر ، فبقيت الاجتهادات النقدية مجرد أمنيات ولو عدنا القهقرى لاستكشاف جذور تلك الظواهر المشتركة لوجدنا أن فكرة تثوير اللغة الشعرية من اجل لغة مغايرة غريبة قد مرت على جسر الاتباعية الشعرية في عصر النهضة والاحياء نظراً لارتباط لغة هذه المدرسة بلغة أمراء البيان في الشعر العباسي من جهة وبرؤية النقاد لدور الاستعارة من جهة أخرى . ولعل النقلة النوعية التي اسست للغة الغرابة والادهاش في التراث الشعري العربي تتمثل في ظهور مذهب البديع بما ينطوي عليه من بعد في الاستعارة وقدرة على التشخيص وقد محض النقاد الاستعارة اهتمامهم الأكبر ولا سيما بعد ان أوجد أبو تمام مسافة بين المستعار والمستعار له ، غير ان ما يلاحظ حول آراء النقاد في لغة أبي تمام أنهم يحاكون لغته في الشعر العربي من خلال قوانين النثر ، وقد لعبت الثقافة دوراً لا يستهان به في هذه القضية .‏

كما اشار الدكتورالدريس الى ان تطور لغة الشعر العربي لم يقتصر على تثويرها وجعلها تحمل أبعاداً مجازية ، وطاقات فيها الكثير من ملامح الغرابة والادهاش وإنما انحدرت الى الشعب لتنعطف في اتجاه جديد يحمل ملامح الوضوح والبساطة .غير ان هذا التنكر لظاهرة الوضوح والبساطة في لغة الشعر القديم لا يلغي وجودها فيه وذلك بالنظر الى حضورها في عصور الأدب المتتابعة حيث عرف الشعر الجاهلي لغة الحياة اليومية ونعتقد ان لغة الشعر الجاهلي لم تكن لغة معاجم بالنسبة الى عصرها بل كانت لغة واضحة مألوفة مفهومة ، كما تطرق الدكتور الى لغة الوضوح والحياة اليومية مبيناً ان الدراسات النقدية المعاصرة التفتت الى مسألة اللغة الشعرية وعنيت بها أيما عناية مجمعة على ان اللغة الشعرية الفاعلة هي تلك التي تمتح من معين الحياة اليومية وتحمل بين طياتها روحاً جماهيرية تجعلها أقرب إلى أذواق الناس وأكثر تأثيراً في عقولهم ونفوسهم .‏

وعلى الرغم من ان النقد المعاصر يلح على ان هذه المقولة الضرورية مستعارة من الغرب وعلى وجه التحديد من الشاعر الانكليزي إليوت ، فإن هذا الطرح لا يلغي حقيقة أن الوضوح وتطلّب اللغة السهلة كان قضية أساسية منذ أن كان الشعر وان هذه القضية قديمة قدم الشعر نفسه ، ولوعاد الباحث في جذور مسألة لغة الحياة اليومية الواضحة لوجد أ ن فكرة قداسة اللغة ، كانت ديدن أهل السنة والمتكلمين من المعتزلة ، ممن صرفوا جهودهم لتدعيم تأويلاتهم للمجاز القرآني اتكاء على لغة العرب ، ولاسيما لغة الشعر ، مما خلق ذوقاً نقدياً محافظاً استطاع ترسيخه رواة الاشعار الذين مافتئوا يلاحقون الغريب في الشعر ، وأضاف الدكتور : ومثل شعراء الزهد كان شعراء الكدية الذين استلهموا المعطيات اللغوية الشائعة بين الناس ، وتجاوزوا ذلك إلى اختراع لغة هجينة ابتعدت كثيراً عن الفصاحة ، إلا أن تلك اللغة المخترعة لم تكن تعني بديلاً عن اللغة اليومية البسيطة التي شاعت في شعر المكدين ، وهي لغة أسرف أصحابها في التبسيط الى حد الاستخدام العامي ، كقول محمد ابن عبد العزيز السوسي :‏

الحمدلله ليس لي بخت ولاثياب يضمها تخت‏

ويبدو ان استخدام اللغة العربية قد أغرى بعض شعراء النزعات الشعبية ممن لايملكون مقدرة لغوية ، فدفعهم الى تحطيم قواعد اللغة والصرف والدلالة كما فعل أبو العبر حين قال:‏

انا انا أنت انا انا أبو العبرنهْ‏

كما أشار إلى وجود قصائد كثيرة تبدو وكأنها كتبت بلغة عصرنا اليومية فكما استخدم صلاح عبدالصبور ألفاظ النعل والشاي استخدم قبله وقبل إليوت الشاعر صريع الدلاء حين قال يعارض مقصورة ابن دريد:‏

من لم يرد أن تنثقب نعاله‏

يحملها في كفّه إذا مشى‏

ومن أراد أن يصون رجله‏

فلبسه خير له من الحفا‏

ومن دخلت في عينه مسلة‏

فاسأله من ساعته عن العمى‏

وتطرق الدكتور إلى لغة الغرابة مبيناً أن نفراً آخر من الشعراء المعاصرين مال إلى لغة مغايرة هي لغة الغرابة التي ترضي الفن قبل كل شيء وهذه اللغة تعني نزوع الشاعر نحو ادخال قيم تعبيرية تنأى بالنص عن المألوف وتكسر قيود التقاليد البلاغية العربية القديمة لصالح تكوين نص يقوم على الايماء والاشارة ويحرك المخيلة بصدمة الادهاش.‏

بقي أن نقول: إنها محاضرة غنية في مضمونها قيمة في معانيها شاملة بين الشعر القديم والمعاصر.‏







أبو منصور الثعالبي

أبو منصورالثعالبي

مولده :

هو أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي ، يشاركه في نسبته رهط من الأعلام ، ولكن يبدو أنه كان أشهرهم ، فهو الوحيد الذي قد يكتفي المصنفون بذكر نسبته دون اسمه عند الحديث عنه لاطمئنانهم إلى أن الذهن لا ينصرف إلى غيره عند ذكر هذه النسبة ، بيد أن الأمر انتهى أحياناً إلى ضروب من الخلط ، فنسبت إليه كتب هي لغيره ممن تنتهي أسماؤهم بالنسبة نفسها .


ولد الثعالبي في نيسابور سنة خمسين وثلاثمائة للهجرة ، ويرجح الظن أنه من أصل عربي .

أصل لقبه


لقب أبو منصور بالثعالبي لأنه كان فرَّاءً يخيط جلود الثعالب ويعملها، وإذا عرفنا أنه كان يؤدِّب الصِّبيان في كُتّاب استطعنا أن نقول جازمين أن عمل الجلود لم يكن صناعة يعيش بها، ويحيا لأجلها، بل كانت من الأعمال التي يعالجها المؤدِّبون في الكتاتيب وهم يقومون بالتأديب والتعليم، وقد شدَّ كل منهم خيوط الصوف إلى رقبته والمغزل في يده.

وكانت ولادته في أسرة رقيقة الحال تكسب رزقها من خياطة جلود الثعالب ، ولقد دفعت به أسرته إلى كتاتيب نيسابور فلما تخرج فيها رأى أن ينسلخ من مهنة أسرته ، ليلج عالم المعرفة الذي استهواه ، فتلمذ لأبي بكر الخوارزمي ، ثم اشتغل بمهنة التأديب ، وظل شغفه بالعلم يدفعه إلى الاستزادة ، فكان له من رعاية آل ميكال وتشجيعهم ما أعانه على ذلك ، حتى أن الأمير أبا الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي فتح له قلبه ومكتبته طوال خمسين عاماً أو يزيد ، شاركه خلالها في تأليف كتاب ( المنتحل ) المطبوع باسم الثعالبي ، ومدّ له يد العون في تأليف كتابه ( يتيمة الدهر ) ، وقد وفى الثعالبي بعض فضل الأمير بأن ألف في المرحلة الأولى من علاقتهما كتابين هما : ( خصائص البلدان ) ، و ( فضل من اسمه الفضل ) .


وعن طريق آل ميكال عرف الثعالبي نخبة من علماء نيسابور والطارئين عليها ، واغترف من معارفهم ، حتى استوى له ما أراد لنفسه من نضج وسعة اطلاع ، فقصد بخارى وهو في الثلاثين من عمره ، حيث بلاط السامانيين ، ولكن اضطراب الأمور هناك لم يتح له مجال ارتياد بلاط الأمير نوح بن منصور الساماني ، فما كان إلا أن عاد إلى نيسابور صفر اليدين ، وفي نيسابور لقي بديع الزمان الهمذاني الذي كان قد انتجع نيسابور في فترة غياب الثعالبي عنها ، وتتوطد بين الرجلين علاقة متينة لا تنتهي إلا برحيل الهمذاني عن نيسابور ، فيعكف الثعالبي على تأليف أهم مصنفاته: (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر)، وتكون ( اليتيمة ) سبباً في شهرته وتسامع الأمراء والأعيان به ، فيستدعيه الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير إلى جرجان ، فيشد الرحال إليها لينزل على الأمير ويمدحه بميمية رائعة مطلعها :
الفتح منتظم والدهر مبتسم وظل شمس المعالي كله نعمُ
ويصنف الثعالبي للأمير كتاب ( المبهج ) ثم يعود إلى نيسابور ليتصل بأميرها الشاب أبي المظفر نصر بن ناصر الدين سبكتكين أخي السلطان أبي القاسم محمود بن سبكتكين ونائبه على نيسابور ، وليمدحه ببعض شعره ، ويؤلف له كتاب ( الاقتباس ) ولكن الأمير لا يلبث أن يغادر نيسابور ليدخلها الترك .
وفي سنة 400 هـ يحل القحط بنيسابور ، فيرحل الثعالبي إلى إسفرائين لينزل على زعيمها أبي العباس الفضل بن علي الإسفرائيني ، وينعم بكرمه ، ويلتقي بأعيان الأدباء في قصره ، ومن إسفرائين كانت سفرته الثانية إلى جرجان حيث قدم للأمير قابوس بن وشمكير كتابه ( التمثيل والمحاضرة ) ، وأعاد كتابة يتيمة الدهر بعد تنقيحها والإضافة إليها ، ثم رحل إلى الجرجانية ، حيث نزل على الأمير مأمون بن مأمون خوارزمشاه والتقى في بلاطه بأجلّ علماء العصر كأبي علي بن سينا ، وأبي الريحان البيروني ، وعكف الثعالبي على تأليف كتبه ( الملوكي ) و ( المشرق ) و ( الظرائف واللطائف ) و ( نثر النظم ) وأعاد كتابة ( الكناية والتعريض ) باسم جديد هو ( النهاية في الكناية ) وأهدى هذه الكتب كلها للأمير خوارزمشاه ، ثم ألف ( تحفة الوزراء ) و ( أحسن ما سمعت ) وأهداهما إلى وزيره أبي عبد الله محمد بن حامد الحمدوني ، ثم شدّ الرحال إلى غزنة قبل سنة سبع وأربعمائة .
وفي بلاط الأمير محمود بن سبكتكين حيث اجتمع علماء العصر كالبيروني الذي استدعاه السلطان من الجرجانية ، والفردوسي ، يمدح الثعالبي السلطان ببعض شعره ، ويهدي إليه كتابه ( لطائف المعارف ) ، ولكنه لا يجد لديه ما يشجعه على الاستمرار ، فيعود إلى أخيه أبي المظفر الذي كان في غزنة آنذاك ، فيكتب له كتابه ( يواقيت المواقيت ) ثم يشفعه بكتاب ضخم يسميه ( غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم ) ، ثم يلتقي بأعيان غزنة ، كالعميد أبي منصور بن مشكان ، والشيخ أبي الحسن بن محمد بن عيسى الكرجي الذي أهداه كتابه ( تحسين القبيح وتقبيح الحسن ) ، والقاضي أبي الحسن المؤمل خليل بن أحمد .
ويقضي الثعالبي ما يقرب من خمس سنوات في غزنة ، فلا يشد الرحال إلا بعد وفاة الأمير أبي المظفر ، وفي طريقه إلى نيسابور يمر بهراة ليؤلف للقاضي أبي أحمد منصور بن محمد الهروي الأزدي كتابيه ( اللطيف في الطيب ) و ( الإيجاز والإعجاز ) .
وفي نيسابور يلقي الثعالبي عصا الترحال بعد تنقل دام أربعين عاماً ، وينصرف بعد أن يستقر أمره في نيسابور إلى التأليف ، فيكتب لصديقه القديم أبي الفضل الميكالي كتابه (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ) ثم كتابه ( فقه اللغة وسر العربية ) .
ويتولى سهل الحمدوني خراسان من قبل السلطان مسعود بن السلطان محمود الغزنوي سنة 422 هـ ، وقد كان الثعالبي أهدى له النسخة الأولى من كتابه ( سحر البلاغة ) ، فكانت ولايته على خراسان سبيلاً لتجديد العهد حيث ألف له كتابه ( برد الأكباد في الأعداد ) وكتابه ( مرآة المروءات ) .
وفي سنة 424 هـ يرد السلطان مسعود الغزنوي خراسان قاصداً بغداد ، فيقيم مدة في نيسابور مع وجوه دولته ، فيعيد الثعالبي صلاته القديمة بهم ، لا سيما الشيخ العارضي أبي الحسن مسافر بن الحسن ، الذي يؤلف له كتابه ( خاص الخاص ) ، وأبي الفتح الحسن بن إبراهيم الصيمري الذي يختصر له كتابه ( فقه اللغة ) في كراس يسميه ( خصائص اللغة )، والشيخ أبي الحسن محمد بن عيسى الكرجي الذي يهدي له مسودة كتابه ( تتمة اليتيمة ) وقد أعجله السفر .
ويرحل السلطان مسعود مع حاشيته ، فيعكف الثعالبي على تنقيح ( تتمة اليتيمة ) ، ويستغرق هذا العمل السنوات التي بقيت من عمره ، وتكون وفاته سنة 429 هـ .

صداقته مع الباخرزي


عاش الثعالبي بنيسابور، وكان هو ووالد الباخرزي صِنوَين لَصيقَي دار، وقريني جوار، تدور بينهما كتب الإخوانيات، ويتعارضان قصائد المجاوبات. ونشأ الباخرزي في حجر الثعالبي، وتأدب بأدبه، واهتدى بهديه، وكان له أبا ثانيا، يحدوه بعطفه، ويحنو عليه ويرأف به. ذكر تلك الصلة الباخرزي، ونقل عن الثعالبي فيما نقل عنه في كتابه "دمية القصر" أشعارا له رواها أبوه عنه إلا أنه لم يذكر لنا شيئا مما جرى بين الشيخين الصديقين.

علمه


كان الثعلبي واعية كثير الحفظ، فعرف بحافظ نيسابور، وأوتي حظا من البيان بزَّ فيه أقرانه، فلقب بجاحظ زمانه، وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي، ثقة فيما يحدِّث، مكينا في علمه، ضليعا في فنه، فقصد إليه القاصدون، يضربون إليه آباط الإبل، بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل.



مما قيل عن الثعالبي



نقتطف هنا جُمَلا نعته بها أعلام الأدب وأصحاب التواليف السائرة.

قال ابن بسام: "كان في وقته راعي تلعات العلم، وجامع أشتات النثر والنظم، رأس المؤلفين في زمانه، والمصنفين بحكم أقرانه، طلعت دواوينه في المشارق والمغارب، طلوع النجم في الغياهب، وتآليفه أشهر مواضع، وأبهر مطالع، وأكثر من أن يستوفيها حدٌّ أو وصف، أو يوفي حقوقها نظم أو رصف".

وقال الباخرزي: "هو جاحظ نيسابور، وزبدة الأحقاب والدهور، لم تر العيون مثله، ولا أنكرت الأعيان فضله، وكيف ينكر وهو المزن يحمد بكل لسان، وكيف يستر وهو الشمس لا تخفى بكل مكان".

وقال الصفدي: "كان يلقب بجاحظ زمانه، وتصانيفه الأدبية كثيرة إلى الغاية".

وقال ابن الأنباري في نزهة الألباب : "وأما أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي فإنه كان أديبا فاضلا، فصيحا بليغا"

وقال إبراهيم الحصري في كتابه زهر الآداب: "وأبو منصور هذا يعيش إلى وقتنا هذا، وهو فريد دهره، وقريع عصره، ونسيج وحده، وله مصنفات في العلم والأدب، نشهد له بأعلى الرتب".

وفيه يقول أبو الفتح علي بن محمد البستي:
قلبي رهَينٌ بنسابور عند أخٍ * ما مثله حين تَستَقري البلاد أخُ
له صحائف أخلاق مهذبةٍ * من الحِجا والعلا والظرف تُنتَسَخُ

وقال ابن قلاقِس يُطري كتابه "يتيمة الدهر" أشعارا منها:
كُتْبُ القَر يضِ لآلي * نُظِمَتْ على جِيدِ الوجودْ
فَضلُ اليتيمة بينها * فضل اليتيمة في العقودْ

ومنها:
أبيات أشعار اليتيمة * أبيات أفكار قديمةْ
ماتوا وعاشت بعدهم * فلذاك سميت اليتيمةْ

وكتب أبو يعقوب صاحب كتاب البلاغة واللغة، يقرظ كتاب "سحر البلاغة" للثعالبي:
سَحَرتَ الناس في تأليف "سحرك" * فجاء قلادةً في جيد دهركْ
وكم لك من معانٍ في معان * شواهد عند ما تعلو بقدركْ
وُقِيتَ نوائب الدنيا جميعاً * فأنت اليوم حافظ أهل عصركْ

ورثاه الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد النيسابوري فقال:

كان أبو منصور الثعلبي * أبرع في الآداب من ثعلبِ
ليت الردى قدَّمني قبله * لكنه أروغ من ثعلبِ

يطعن من شاء من الناس بالـ*ـموت [بالموت] كطعن الرمح بالثعلبِ

هذه طائفة من القول تدلك على مكانة الثعالبي عند المتقدمين

الطُّرفة التي جرت بينه وبين سهل بن المرزبان ما يعطيك صورة عن الثعالبي شاعرا:

قال الثعالبي: قال لي سهل بن المرزبان يوما: إن من الشعراء من شَلْشَل، ومنهم من سَلْسَل، ومنهم من قَلْقَل، ومنهم من بَلْبَل {يريد بمن شلشل: الأعشى في قوله:
وقد أروح إلى الحانوت يتبعني * شاوٍ مِشَلٌ شَلولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ

وبمن سلسل: مسلم بن الوليد في قوله:
سُلَّتْ وسُلَّتْ ثم سُلَّ سَليلها * فأتى سَليلُ سَليلها مَسْلولا

وبمن قلقل: المتنبي في قوله:

فقَلْقَلْتُ بالهمِّ الذي قَلْقَل الحَشا * قَلاقل عيسٍ كلهن قَلاقِلُ}

فقال الثعالبي:
إني أخاف أن أكون رابع الشعراء { أراد قول الشاعر: الشعراء فاعلمنَّ أربعة * فشاعر يجري ولا يُجرى معه
وشاعر من حقه أن ترفعه * وشاعر من حقه أن تسمعه
وشاعر من حقه أن تصفعه}

ثم إني قلت بعد ذلك بحين:
وإذا البلابل أفصحت بلغاتها * فانفِ البلابل باحتساء بَلابِلِ
فكان بهذا رابع فحول ثلاثة لهم القدم الثابتة في الشعر، نعني الأعشى ومسلم بن الوليد والمتنبي: وما دمنا قد عرضنا للثعالبي الشاعر فما أولانا أن نذكر جملا مختارة من شعره، قال، وكتب بها إلى الأمير أبي الفضل الميكالي:
لك في المفاخر معجزات جمَّة * أبدا لغيرك في الورى لم تُجمَعِ
بحران بحر في البلاغة شابه * شعر الوليد وحسن لفظ الأصمعي
وتَرَسُّل الصابي يزين عُلوَّه * خط بن مقلة ذو المقام الأرفعِ
كالنور أو كالسحر أو كالبدر أو * كالوشي في برد عليه موشَّعِ
وإذا تَفَتَقَ نورُ شِعرك ناضِراً * فالحسن بين مصرَّعٍ ومُرَصَعِ
أرجلت أفراس الكلام ورُضتَ أف*ـراس [أفراس] البديع وأنت أمجد مبدعِ
ونقشت في مغنى الزمان بدائعاً * تُزري بآثار الربيع المُمرعِ

ومنها يصف فرسا أهداه إليه:
يا واهب الطَّرفِ الجواد كأنَّما * قد أنعلوه بالرِّياح الأربعِ
لا شيء أسرع منه إلا خاطري * في وصف نائلك اللطيف الموقِعِ
ولو أني أنصفت في إكرامه * لجلال مُهديه الكريم الألمعي
أقضمته حب الفؤاد لحبِّه * وجعلت وربطه سواد الأدمعِ
وخلعت ثم قطعت غير مضيِّعٍ * برد الشباب لجُلِّهِ والبُرقُعِ

ومن غزلياته الرقيقة:


سقطت لحين في الفراش لزمته * أضم إلى قلبي جناح مَهيضِ
وما مرض بي غير حبّي وإنما * أُدَلِّسُ منكم عاشقا بمريضِ
وقال الباخرزي: أنشدني والدي قال أنشدني -يريد الثعالبي- لنفسه:
عَرَكَتْنِي الأيام عرك الأديم * وتجاوزن بي مدى التقويمِ
وَغَضضن اللحاظ منِّيَ إلا * عن هلال يرنو بمقلة ريمِ
لحظهُ سُقْمُ كل قلبٍ صحيح * ثَغرُهُ بُرء كل جسم سقيمِ
وله أيضا فيما يتصل بالخَمريات:
هذه ليلة لها بهجة الطَّا * ووس حسنا والليل لون الغُدافِ
رقد الدهر فانتبهنا وسارقْـ*ناه [وسارقناه] حظا من السُّرور الشافي
بمُدامٍ صافٍ وخِلٍّ مُصافٍ * وحبيبٍ وافٍ وسَعدٍ موافي
وكتب إلى أبي نصر سهل بن المرزبان يحاجيه:
حاجيت شمس العلم في ذا العصر * نديم مولانا الأمير نصر
ما حاجة لأهل كلِّ مِصر * في كل دارٍ وبكل قُطر
ليست ترى إلا بُعيدَ العصر
فكتب إليه جوابه:
يا بحر آداب بغير جَزْرِ * وحظه في العلم غير نَزرِ
حزَرتُ ما قلت وكان حَزري * أن الذي عنيت دُهنُ البَزْرِ
يَعصُرُهُ ذو قوة وأزرِ

مؤلفاته :

ويتفاوت المحدثون في القوائم التي قدموها بأسماء كتب الثعالبي لا سيما محققو كتبه ، فقد قدم محقق ( التمثيل والمحاضرة ) قائمة بأسماء أربعة وأربعين كتاباً ، وقدم محققا (لطائف المعارف) قائمة بأسماء ستة وثمانين كتاباً ، وقدم محققا (تحفة الوزراء) قائمة بأسماء تسعة وعشرين كتاباً مطبوعاً واثنين وسبعين كتاباً مخطوطاً ومفقوداً معتمدين على قائمتي التمثيل والمحاضرة ولطائف المعارف

ونحن نذكر لك فيما يلي كتبه كتابا كتابا، معتمدين في هذا النقل على الصفدي، فقد انفرد من بين المراجع جميعها بذكر هذه الجملة الوفيرة وأكثر الظن أنه ليس للثعالبي بعد ما ذكره الصفدي شيء آخر، هذا على ما في الصفدي من اضطراب في الأسماء اضطررنا معه لمعارضة ما فيه بأصول أخرى، ثم الرجوع إلى الفهارس التي ألقت في روعنا شيئا من الظن، بأن من بين هذه الكتب ما ليس للثعالبي، كما أن منها المشترك في اسم واحد، على الرغم مما قمنا به من تحرير سريع. وقد يتسع غير هذا الموضع لهذا التحرير كاملا فيقطع الشك باليقين ويتضح المُشكل من أمرها ويبين، وها هي ذي:

كتاب أجناس التنجيس.
أحاسن المحاسن=أحسن ما سمعت.
كتاب الأحاسن من بدائع البلغاء.
كتاب أحسن ما سمعت:
كتاب الأدب مما للناس فيه من أرب.
كتاب إعجاز الإيجاز.
غرر أخبار ملوك فارس.
كتاب الأعداد=برد الأكباد في الأعداد.
كتاب أفراد المعاني.
كتاب الاقتباس.
كتاب الأمثال والتشبيهات.
كتاب أنس الشعراء.
كتاب الأنيس في غزل التجنيس.
كتاب بهجة المشتاق.
كتاب التجنيس.
كتاب تحفة الوزراء.
كتاب التحسين والتقبيح.
كتاب ترجمة الكاتب في آداب الصاحب.
كتاب التفاحة.
كتاب تفضل المقتدرين وتنصل المعتذرين.
كتاب التمثيل والمحاضرة في الحكم والمناظرة.
كتاب الثلج والمطر.
كتاب ثمار القلوب في المضاف والمنسوب.
كتاب الجواهر الحسان في تفسير القرآن.
كتاب حجة العقل.
كتاب حشو اللوزينج.
كتاب حلي العقد.
كتاب خاص الخاص.
كتاب خصائص الفضائل.
كتاب الخولة وشاهيات.
ديوان أشعاره.
كتاب سجع المنثور.
كتاب سِحر البلاغة وسر البراعة.
كتاب سحر البيان.
كتاب سر الأدب في مجاري كلام العرب.
كتاب سر البيان.
كتاب سر الوزارة.
كتاب السياسة.
كتاب الشكوى والعتاب وما وقع للخلان والأصحاب.
كتاب الشمس.
كتاب الشوق.
كتاب صفة الشعر والنثر.
كتاب طبقات الملوك.
كتاب الظَّرْف من شعر البُسْتي.
كتاب الطرائف واللطائف.
كتاب عنوان المعارف.
كتاب عيون النوادر.
كتاب غرر البلاغة في الأعلام.
كتاب غرر المضاحك.
كتاب الغلمان.
كتاب الفرائد والقلائد.
كتاب الفصول الفارسية.
كتاب الفصول في الفضول.
كتاب فقه اللغة.
كتاب الكشف والبيان.
كتاب الكناية والتعريض.
كنز الكتاب=المنتحل.
كتاب لباب الأحاسن.
كتاب لطائف الظرفاء.
كتاب لطائف المعارف.
كتاب اللطيف الطيب.
كتاب اللمع والفضة.
كتاب ما جرى بين المتنبي وسيف الدولة.
كتاب المبهج.
كتاب المتشابه لفظا وخطا=ثمار القلوب في المضاف والمنسوب.
مدح الشيء وذمه.
كتاب المديح.
كتاب مرآة المروآت.
كتاب المضاف والمنسوب.
كتاب مفتاح الفصاحة.
المقصور والممدود.
مكارم الأخلاق.
ملح البراعة.
كتاب المُلَح والطُرَف.
كتاب نمادمة الملوك.
كتاب من أعوزه المطرب.
كتاب من غاب عنه المؤنس.
كتاب المنتحل.
مؤنس الوحيد في المحاضرات.
نثر النظم وحل العقد.
كتاب نسيم الأنس.
كتاب نسيم السحر.
النهاية في الكناية.
كتاب النوادر والبوادر.
كتاب الورد.
يتيمة الدهر.
يتيمة اليتيمة.
كتاب يواقيت المواقيت.

وفاته :


وتوفي - الثعالبي- سنة ثلاثين وأربع مائة، وقيل سنة تسع وعشرين" وعلى الرأيين فقد قضى الثعالبي نحبه في الثمانين من عمره تاركا ما يُربي على الثمانين مؤلفا يُعمَرُ بها ضعف هذا العمر، وقد تنقضي أعمار كثيرة دون أن تبلغ في هذا شأوه، غير أنه عاش مع هذه البسطة في العلم والتواليف مهضوما، شبه مضيق يشكو مع العوز جورا وظلما،

ثلاث قد مُنيت بهن أضحت * لنار القلب مني كالأثافي
ديون أنقضت ظهري وجور * من الأيام شاب له غُدافي
ومقدار الكفاف وأي عيش * لمن يُمنى بفقدان الكفافِ
وقال أيضًا: الليل أسهره فهمِّي راتب * والصبح أكرهه ففيه نوائبُ
فكأن ذاك به لطرفي مُسهرٌ * وكأن هذا فيه سيف قاضبُ





گزارش تخلف
بعدی