تطور الفن القصصي وخصائصه
تطور الفن القصصي وخصائصه .
القصة لون من
ألوان التعبير الأدبي تمتاز بالطابع الإنساني والحلة الجمالية الأنيقة تعتمد على
الوصف والسرد والحوار.
يعرفها محمود تيمور بقوله: ( هي عرض لفكرة مرت بخاطر الكاتب أو تسجيل لصورة تأثرت بها
مخيلته أو بسط لعاطفة اختلجت في صدره.
فأراد أن يعبر عنها بالكلام ليصل بها إلى أذهان القراء محاولا أن يكون
أثرها في نفوسهم مثل أثرها في نفسه. )
ويقسم الفن
القصصي من حيث القالب أو المظهر إلى أربعة أقسام: الأقصوصة القصة الرواية والحكاية.
هل عرف
أجدادنا الأوائل القصة ؟
وهل توفرت لها
الشروط الفنية ؟
لم يخل أدبنا القديم من القصة بمفهومها البسيط ففي الأدب الجاهلي قصص
تدور حول أيام العرب وحروبهم يرونها في
الحل والترحال وتحت الخيام في ليالي السمر. وفي القران الكريم قصص
الأنبياء وأقوامهم. وفي العصر العباسي نقل إلى العربية بعض القصص من الأمم
الأجنبية مثل كليلة ودمنة لابن المقفع وألف الجاحظ كتاب البخلاء. وظهر فن المقامات. وكتب المعري رسالة الغفران وابن طفيل حي بن يقظان.
إلا أن ما كتب في هذه الفترة لم تتوفر فيه الشروط الفنية. بسبب الإغراق في الطول والاستطراد. الاهتمام بغريب الألفاظ. والاحتفاء بالصناعة
اللفظية. وعدم التعمق في تحليل نفسيات الشخصيات.
في العصر
الحديث.
اتصل الأدباء العرب بالغرب فاطلعوا على إنتاجهم القصصي الرفيع فأعجبوا به وانكبوا ينهلون منه انكباب يتيم جائع على مائدة غني كريم. وراحوا
يترجمون بعضا ويقلدون بعضا ويقتبسون من
بعضها الآخر.
حاول بعض الكتاب العرب إحياء فن المقامة من جديد أمثال اليازجي والمويلحي والشدياق وكتبوا محاولات قصصية جادة عالجت الواقع بنظرات لماحة نافذة.
إلا أنها لم تلب حاجات العصر ولم
تستوف التعبير عن وجدان الأمة. وهذا يعني أننا أمام نمطين من الفنون
القصصية العربية: نمط ابتدعه الأدباء العرب بعيدا عن أي تأثر بغيرهم. ونمط
آخر أنتجوه بعد تأثرهم بالفنون القصصية التي ازدهرت في اروبا.
وقد مرت
القصة في العصر الحديث بالأطوار التالية:
-1- مرحلةالترجمة:
نتيجة اتصال
العرب بالغرب وإطلاعهم على تراثهم الأدبي المتنوع اتجه بعض الكتاب إلى القصة لأنها الأكثر استيعابا لتطلعات واهتمامات الجماهير. وقدرتها على متابعة وتسجيل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي كانت
تزدحم بها البلاد العربية آنئذ. وكان
رائد هؤلاء هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون.
2 مرحلة المحاكاة والاقتباس:
تتجلى أول
محاولة في هذا الطور في قصة عيسى بن هشام للمويلحي الذي حاول إدخال مقومات القصة الغربية والمحافظة على أسلوب
المقامات وهو نفس النهج الذي انتهجه حافظ إبراهيم في ليالي سطيح.أما المنفلوطي فقد ترجم بتصرف
وتغيير حتى يرضي القراء كما في الشاعر. مجدولين.
-3- مرحلة الإبداع:
وفيها أنتج الأدباء قصصا فنيا اعتمادا على إبداعهم وتبدأ بقصة زينب للدكتور
محمد حسين هيكل. برغم غلو هذه القصة في
الرومانسية وحلولها المفتعلة إلا أنها تعد البداية الفنية الحقيقية
للرواية الاجتماعية. ثم ظهر لفيف من الأدباء بقصص جديدة توفر فيها البناء
الفني فكتب طه حسين الأيام ودعاء الكروان – وتوفيق الحكيم عصفور من الشرق. ويوميات نائب في الأرياف. ونجيب محفوظ في الثلاثية وجرجي زيدان بقصصه التاريخي في سلسلة روايات تاريخ الإسلام.
أما في
الجزائر فقد كتب رضا حوحو غادة أم القرى وكتب محمد ديب ثلاثيته البيت الكبير. الحريق. النول. وكتب مولود معمري العصا والأفيون.
وهكذا تطورت القصة العربية ونضجت واكتملت فنيا وما نيل نجيب محفوظ لجائزة
نوبل للآداب إلا دليل على دلك. وقد
تنوعت موضوعات القصة العربية الحديثة وتعددت اتجاهاتها فمنها ما هو اجتماعي أو
نفسي وآخر تحليلي ومنها ماهو وطني وقومي وقد تجمع القصة الواحدة عدة ألوان
وطنية اجتماعية نفسية.
خصائص الفن
القصصي. :
1- التمهيد: ( الزمان والمكان ) الزمن قد يمتد
لأجيال وأجيال أو يقصر ليشمل فترة وجيزة ففي قصة قرية ظالمة لمحمد كامل
حسين الزمن يوم وليلة وهو نفس الزمن في ذهاب وإياب لصبري موسى.
2 - الأحداث: الكاتب الناجح يصنع من الحدث
البسيط فنا عميقا راقيا حيث يتعمق في دراسة الأحداث فيرتبها وينسقها في شكل منطقي.
-3- العقدة: وتنجم عن ترتيب الحوادث وهي
النقطة التي تتجمع عندها الخيوط فيتعقد الموقف ويتلهف القارىء لمعرفة الحل.
-4- الحل: ويشترط فيه أن يكون منسقا مع
الأحداث وقد يكون سعيدا أو حزينا.
-5- الشخصيات: جاهزة ونامية نجاح القصة يعتمد
على نجاح الكاتب في تصوير الشخصيات فلابد أن تتطابق مع الأحداث ومع الواقع.
-6- الأسلوب: هو التعبير ووسائله اللغوية فلكل
كاتب زاده اللغوي وأسلوبه الذي يميزه عن غيره فأسلوب العقاد يختلف عن أسلوب
طه حسين أو احمد أمين.
الفن القصصي محبب إلى القلوب يتلذذ به الكبير قبل الصغير يجعلنا نحس
بالراحة والتغيير حيث ندخل المعامع
والمغامرات مع القصص البوليسي ونتجول في حدائق غناء مع القصص الرومانسي نتألم مع
البؤساء ونبتسم مع السعداء مع القصص الواقعي وقد ساهمت القصة في نشر
الوعي ومعالجة بعض المشاكل الاجتماعية وبعث الثقافة والأخلاق
لقد تأثر الفن القصصي العربي بالآداب الغربية فعلا ولا ضير في ذلك فالآداب التي تريد لنفسها الاستمرار ينبغي أن لا تضيع فرصة الازدهار والانبعاث.
المسرحية
نص أدبي يأتي
على هيئة حوار يصور به الكاتب قصة مأساوية أو هزلية ويقوم الممثلون بتمثيل النص
المسرحي بقاعة المسرح ضمن إطار فني.
وهي من أقدم الفنون الأدبية التي عرفتها الحضارة الإنسانية. فمنذ زمان
بعيد أقام الإغريق مسارحهم في مناسبات
دينية ووطنية. فعرفوا المأساة والملهاة. وتناولوا موضوعات دينية واجتماعية
وأدى مسرحهم دوره في تعليم مجتمعهم. واعدوا شروط المسرح واستفاد منها
حتى كتاب العصر الحديث.
وعن هؤلاء
اخذ الرومان ثم الفرنسيون والإنجليز والألمان وعن هم اخذ العرب.
لكن إقبال العرب على المسرح لم يتم إلا في العصر الحديث على الرغم أنهم
اطلعوا عليه عند ترجمة بعض المؤلفات
اليونانية في البلاغة والفلسفة والرياضيات في بداية العهد العباسي. ولعل ذلك
يرجع إلى ارتباط المسرح بالأفكار الوثنية التي لا يقرها الإسلام والى طبيعة
الشعر العربي الغنائي الذي لا يصلح للتمثيل.
المسرح
العربي حديث النشأة ظهر على يد مارون النقاش 1847م بعد عودته من الغرب وقدم لأول
مرة مسرحية البخيل لموليار وهكذا نشا المسرح قبل المسرحية.
تطورها:
1- مرحلة الاقتباس:
شجع إنشاء
دار الأبرا في مصر بعض اللبنانيين المهتمين بالمسرح على اقتباس الأفكار من الأدب
الاروبية وصبغتها بصبغة محلية.
2- المسرحية الاجتماعية:
تطورت
المسرحية على يد من درس فن المسرح في اروبا فقد أنشا جورج الأبيض مسرحا عربيا في مصر اثر عودته من فرنسا 1910م وقدم مسرحية وليدة
البيئة العربية مصر الجديدة.لفرج أنطوان. غلبت عليها الفصحى واصالة الفكر العربي.
3-المسرحية الواقعية: اتجهت المسرحية إلى التعبير عن الواقع فظهرت عدة مسرحيات
تعالج الواقع السياسي والاجتماعي
والاقتصادي والنفسي وتعتبر مسرحيات توفيق الحكيم مثلا واضحا لهذا الطور
عالج مشكلات اجتماعية كما فعل ازيس وبراسكا وأضفى على شخصياته فكرا فلسفيا وتتجلى
نزعته الفلسفية في مسرحية شهرزاد - و سليمان الحكيم -.
المسرحية الجزائرية: يعد رضا حوحو من رواد المسرحية
المكتوبة بالعربية فقد اشرف على فرقة تمثيلية وكتب لها مسرحية عنبسة- وبائعة الورد – والعقاب – النائب المحترم – وسي عاشور -. أما المسرحية المكتوبة بالفرنسية يمثلها كاتب ياسين في الجثة المطوقة – والرجل ذو النعل المطاطي.
أما المسرحية الشعرية فقد ظهرت على يد احمد شوقي الذي كتب -مصرع كلييو
باترة – مجنون ليلى – قمبيز... وعزيز أباظة الذي ألف
ست مسرحيات- قيس ولبنى – العباسة- شجرة الدر – الناصر –
غروب الأندلس – شهريار – وقد استطاع أن يتجنب ما وقع فيه شوقي من مآخذ
واستفاد مما وجه إليه من نقد.
وللمسرح
ثلاثة أشكال هم:
1- المأساة وهي مسرحية درامية تنتهي دائما بالموت.
2-الملهاة مسرحية هزلية ذات نهاية سعيدة. 3-الأبرا المغناة وهي ذات موضوع مأساوي.
عناصر
المسرحية: 1-التمهيد *وهو الجزء الأول من المسرحية يمهد
فيه الكاتب للمسرحية ويعرف بالشخصيات وأعمالهم. أما البيئة فيصورها عن طريق الحوار.
2- العقدة وهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وتنشا عن المعوقات أو
الصراع الذي ينشا بين قدوتين متعارضتين
تثير عند الجمهور الرغبة في انتظار الحل.
3- الحل * وهو النتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية.
4- الزمان والمكان * وهما البيئة التي يدور فيها أحداث
المسرحية زمان المسرحية قصير ومكانها محدود.
5- الشخصيات * وهم الممثلون الدين يقومون بالحركة المسرحية. ويشترط فيها الثبات وعدم
التناقض مع الواقع.
6- اللغة وسائل التعبير المسرحي
متعددة – الحوار – الملابس* الأضواء *الأثاث* الحركة* ولكل فرد لغته الخاصة
وهذا ما أطلق عليه النقاد الواقعية في المسرح من الكتاب من اختار
العامية ومنهم من فضل الفصحى واثر البعض الآخر المزج بين العامية والفصحى.
المسرحية كما
هو معلوم تشترك مع القصة في اشتمالها على الحادثة والشخصية والفكرة ولا تتميز عنها إلا في اعتمادها على الحوار كوسيلة وحيدة للوصف وعرض الأحداث. وبقدر ما يكون الحوار مطابقا للشخصيات سهلا واضحا يتوفر على إيقاع موسيقي مناسب. لا تطغى عليه روح المؤلف طغيانا يفسده.بقدر ما يكون ناجحا. إذا كان الحوار هو مظهر المسرحية الخارجي فان مظهرها الداخلي يتمثل في الصراع الذي يجب أن يكن محبوكا
بشكل طبيعي لا تصنع فيه.
يحتل المسرح لدى مختلف الشعوب مكانة مرموقة نظرا للدور الذي يلعبه في تثقيف الفئات الشعبية وتنمية ذوقها الجمالي فضلا عن تسليتها والترفيه عنها والمسرح دليل على الرقي الاجتماعي فهو أداة لنقل قيم شتى ووسيلة
لترقية الفكر خاصة إذا كان يحمل فكرة
راقية بلغة سامية. فالمسرح قبل أن يكون تمثيلية فهو نص أي انه شكل ومضمون
فالفكرة السامية يجب أن يعبر عنها باللغة الراقية غير مبتذلة أو
هزيلة. أما إذا كان المسرح بلغة العوام فهو تهريج لا طائل منه. وإذا لم يصور
مجتمعه في ماضيه وحاضره ومستقبله ويعكس آماله وتطلعاته معتزا بالقيم
ومقومات الشخصية. كان دخيلا يهدم بدلا من أن يبني يفسد عوض أن يصلح.
ومادام المسرح يلعب هذا الدور الهام فهو يحتاج إلى تخطيط وأموال وتشجيع دائم.
غير أن المسرح فن وليس تهريجا فكتابته
من مهام الأدباء وتمثيل الأدوار فن لا يناط إلا بأصحاب المواهب من خريجي
المعاهد المختصة.