التشبیه الدائری فی الشعر الأموی

التشبیه الدائری فی الشعر الأموی وموازنته بالشعر الجاهلی -
د. إسماعیل أحمد العالم(1)

الملخص

البحث ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، لیتعرف إلى ما قاله الشاعر الأموی فیها، ومدى إفادته من فنیة الشاعر الجاهلی فی هذا السبیل، إذ وقف على موضوعاتها ومصادرها، ووقف البحث على ما نال إعجابه منها وما نفر منه، وما جدّد فیه وما قصّر، ولیخلص البحث إلى مدى صحة المقولة القدیمة الجدیدة، إنّ الشعر القدیم بعامة والأموی بخاصة یعدّ امتداداً للشعر الجاهلی فی فنیته وموضوعاته.

اجتمعت دوافع غیر قلیلة لدراسة ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، منها توافرها فی شعر الشاعر، إذ أجرت الدراسة استقراء لشعر ثمانیة شعراء أمویین، فوجدت عندهم ثلاثین تشبیهاً دائریاً، ومعنى ذلك أن الشعر الأموی تتوافر فی نتاجه هذه الظاهرة، ولا أغالی لعلها أكثر وروداً فیه منها فی الشعر الجاهلی(1)، ومن دوافع الدراسة أیضاً الاطمئنان إلى المقولة القدیمة الجدیدة التی سحبها الدارسون القدماء والمحدثون من أدباء ونقاد- على الشعر الأموی بعامة إنه امتداد للشعر الجاهلی فی موضوعاته وفنیته، فهو فی معانیه وتراكیبه وأسالیبه وصوره یرتد إلى العصر الجاهلی، وهذا یتفق والظاهرة التی ندرس،، فبذرتها تحققت فی أرض الجاهلیة، ونموها واستمراریتها تحققت فی التربة الأمویة، ومن دوافع الدراسة وأقواها البحث القیم الذی قدمه الدكتور عبد القادر الرباعی، والذی سارت على هدیه خطوات هذا البحث، كل ما ذكرته كان دافعاً لدراسة هذه الظاهرة.

ومما تجدر الإشارة إلیه أنّ الدراسة اعتمدت ما جاءت به دراسة التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی) من الناحیة التاریخیة، كما اعتمدت مصطلح التشبیه الدائری) الذی أطلق على هذه الظاهرة أیضاً(2)، وفی الوقت نفسه، لم ترفض الدراسة الحالیة المصطلحات الأخرى إذا ما توافر فی فاتحة التشبیه حرف النفی ما)، وفی خاتمته اسم التفضیل على وزن أفعل) المقترن بالباء، وقام على المقارنة بین طرفیه، وسبب عدم الرفض یعود إلى توافر مصطلح التضمین)(3) -كما عرّفّه البلاغیون القدماء- فی التشبیه الدائری وبخاصة فی المشبه به)، ومصطلح الاستطراد)(4)، فی المشبه به إذ تكثر الأحداث، ومصطلح الطویل)(5)، لما یشغله طرفا التشبیه من مساحة مكانیة أفقیة أو رأسیة.

والتأمل فی هذه الظاهرة فی الشعر الأموی من حیث توصیفها یقود إلى أنّها كقرینتها فی الشعر الجاهلی، فأقلها شطر واحد وبیت واحد، ومعظمها بیتان أو ثلاثة، وقلیلها ما زاد على ذلك، كأن یكون أربعة أبیات أو خمسة أو أكثر، وكل هذا یعود إلى ما تكنه المشاعر والأحاسیس من عوز لهذه الظاهرة یختلف إلحاحاً، لذا تأتی على وفق ذلك إطناباً أو اقتضاباً.

وموضوعات التشبیه الدائری متعددة ومختلفة باختلاف ما تنتمی إلیه من مصادر، فقد كانت فی الشعر الجاهلی تنتمی إلى مصادر ثلاثة مرتبة حسب اهتمام الشعراء، أولها الحیوان، وثانیها الطبیعة، وثالثها الإنسان(6)، ولكن هذه الاهتمامات عند الشاعر الأموی طرأ علیها بعض التغییر، لذلك كان أولها الطبیعة، وثانیها الحیوان وثالثها الإنسان(7)، ولعلّ سبب مجیء الطبیعة أولاً یعود إلى ما لحظه الشاعر الأموی من جمال زائد فی البیئة الأمویة الجدیدة تفتقر إلیه بیئة الجزیرة العربیة، ویؤكد ذلك ما لحظناه من انجذاب شاعر الفتح الإسلامی إلیها، إذ شغل ذاته- إلى جانب ما شغلها من موضوعات- بوصف الطبیعة أكثر من حیوانها(8).
ومن موضوعات الطبیعة التی وقف عندها الشاعر الأموی یبثها أحاسیسه ومشاعره مرتبة حسب أولویاتها فی الأهمیة، الماء بعناصره، وله سبعة تشبیهات موزعة على النهر الجاری والمطر المنهل، والروضة ولها خمسة تشبیهات، والكواكب ممثلة بالشمس والبدر، ولها تشبیه واحد، ومقارنة بموضوعات الطبیعة عند الشاعر الجاهلی تكاد تكون متشابهة إلى حد ما(9)، ولا نغفل فی هذه الحال عدد العَیّنَة التی اعتمدناها للشعر الأموی وما یقابلها فی الشعر الجاهلی، مما یجعلنا نقرّ بانتشار ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی أكثر منها فی الشعر الجاهلی.

وإذا تأملنا فی عناصر الماء، وجدنا النهر هو الأول اهتماماً فی الشعر الأموی، إذ جاء بصفات وأسماء متعددة منها: المزبد، والفرات، والغدیر، والبحر. فقول الأخطل فی النهر كثیر الزبد:

وما مزبدُ یَعلُو جزائِرَ حامِرٍ *** یَشُقُ إلیها خیزُراناً وَغَرقَدا

تحرّزَ منهُ أهلُ عانةَ بعْدما *** كسا سُورها الأعْلَى غُثَاءً مُنَضّداً

تُقَمّصُ بالملاّح حتى یَشُقّهُ ال *** حِذارُ وإنْ كانَ المُشِیحَ المُعَودّا

بمطّردِ الآذیّ جَوْنٍ كأنما *** زنا بالقراقیر النّعامَ المُطرّدا

كأنّ بناتِ الماءِ فی حَجَرِاتِهِ *** أباریقُ أهدَتْهَا دیافٌ لِصَرْخَدَا

بأجْوِدَ سَیْباً مِنْ یَزِیدَ إذا غَدَتْ *** بِهِ بُخْتُهُ یَحْمِلْنَ مُلكاً وسوددا(10)

ینسحب على جوانب متعددة، أولها: إذ شرع بوصف فیضان هذا النهر، فزبده "یعلو جزائر حامر"، ویشق شجر الخیزران والغرقد، وهذا جعل أهل عانة یحترسون من أن یطوف على دیارهم، بعد أن علا زبده حول سورها، وأوشك أن یطفو علیها ویغرقها، وثانیها: حدیثه عن الملاّح، فهذا النهر یثیر اضطرابه، حتى یرهقه الحذر منه خوف الغرق، على الرغم من ألفته له، واختباره الطویل لأمر الملاحة فیه، وثالثها: عودة الأخطل إلى وصف النهر المزبد، فأمواجه متلاحقة بیض، شبیهة بالنعام لزبدها، لا تبرح تعبث بالسفینة وتطردها فی كل جهة، كما یقف الشاعر عند الطیور بنات الماء) التی تطوف فی مختلف نواحی النهر إذ یشبهها بالأباریق التی تُهدى فتنتقل من دیاف لصرخد)، ورابعها: ویتمثل كما یقول الدكتور الرباعی بقفل التشبیه-(11)، إذ یقول الأخطل إنّ هذا النهر فی فیضانه الهائل المروّع، لیس بأعظم عطاء من یزید بن معاویة، رابطاً المشبه بشرط زمنی مفاده: إن یفد الممدوح على إبله الخراسانیة.

ومن صفات النهر وأسمائه الفرات)، كقول عمر بن أبی ربیعة:

أسُكین ما ماءُ الفراتِ وطیبه *** منّا على ظمأ وحبّ شراب

بألذّ منكِ وإن نأیتِ، وقلّما *** ترعى النساءُ أمانةَ الغُیّابِ(12)

فی البیت الأول یصف عمر بن أبی ربیعة نهر الفرات المشبه به) بطیب شرابه، رابطاً ذلك بزمان یكون فیه المرء ظمآنَ، وهو وصف موجز، وفی البیت الثانی یقیم الشاعر مقارنة بین المشبه والمشبه به، فهذا النهر على الرغم من طیب شرابه فإنّه لیس بألذّ من سكینة وإن نأت.

ومن صفات النهر أیضاً وأسمائه الغدیر)، كقول ذی الرُمّة:

وما ثَغَبٌ باتَتْ تُصَفّقُهُ الصَّبا *** قَرَارةَ نِهْی أتأتَتْهُ الرّوائِحُ

بأطیبَ مِنَ فیها ولا طعْمُ قَرْقَفٍ *** برِمّانَ لم یَنْظُرْ بها الشّرْقَ صابِحُ(13)

یصف ذو الرُمّة فی بیته غدیراً عذباً، ضربته ریح الصّبا، وملأته السحب الممطرة، وهذا الغدیر بعذوبة مائه، وخمر زَمّان بطعم مذاقه، لیس بأطیب من فم میّ صاحبته، وأعذب منه. فذو الرُمّة وفّر للمشبه به الزمان باتت)، ووفّر له أیضاً المكان قرارة نهی).

ویصف الماء إذا كثر بأنّه بحر)، یقول جریر:

ما البَحْرُ مُغْلَولِباً تَسْمُو غَوَارِبُهُ *** یَعْلُو السّفینَ بآذِیٍّ وإزْبَادِ

یوماً بأوسَعَ سَیْباً مِنْ سِجالِكُم *** عِنْدَ الُعنَاةِ وَعِنْدَ المُعْتَفی الجادی(14)

لقد اكتفى الشاعر هنا بوصف المشبه به بسمو غواربه وزبده، بینما نجده یفصّل فی المشبه إذ حدّد وعیّن المستفیدین من عطاء الممدوح، وهما فئتان من الناس: العُناة الذین سلبوا حریتهم بسبب أسرهم، فأطلق الممدوح سراحهم، والمعتفون المعوزون الذین یستجدون الناس لضیق ما فی أیدیهم، فكفاهم الممدوح مؤونة ذلك بما قدمه لهم من عطاء، لقد تحقق التشبیه الدائری فی مقولة الشاعر إذ ورد فی القُفْل مقارنة بین المشبه والمشبه به، فعطاء معاویة بن هشام بن عبد الملك أوسع من فیضان بحر سمت غواربه.

ومن عناصر الماء فی شعر الشاعر الأمویّ المطر المنهل)، یقول ذو الرُمّة:

وما الوَسْمِیّ أوّلُهُ بِنَجْدِ *** تَهَلّلَ فی مَسَارِبِهِ انْهلالا

بذی لَجَبٍ تُعَارِضُهُ بُرُوقٌ *** شُبُوبَ البُلْقِ تَشْتَعلُ اشتِعالا

فلم تدعِ البَوارِقُ عِرْقَ بَطنٍٍ *** رَغیبٍ سَیْلُهُ إلا مُسالا

أصاب النّاسَ مُنْقَمَسَ الثُریّا *** بِسَاحیةٍ وأتَبَعها طِلالا

فأردَفَت الذراعُ له بِغَیْثٍ *** سَجُومِ الماءِ فانْسَحلَ انسحَالا

ونثْرَتُها وَجَبْهَتُهَا هَرَاقتْ *** علیه الماءَ فاكتَهَلَ اكْتهالا

أبَتْ عَزْلاءُ كُلِّ نَشَاصِ بَحْرٍ *** على آثارِه إلاّ انحلالا

فصَارَ حیاً وطبّقَ بَعْدَ خَوْفٍ *** على حُرِیّةِ العرَبِ الهُزَالا

كأنّ منَوِّرَ الحَوْذانِ یُضْحی *** یَشُبُّ على مساربه الذُبالا

بأفْضَلَ فی البریّةِ مِنْ بلالٍ *** إذا مَیّلْتَ بینهما مِیَالا(15)

فی البیت الأول یذكر الشاعر مطراً وصفه ب الوسمی)، ووفّرَ له زمناً وهو فصْل الربیع، ووفرّ له أیضاً مكاناً وهو بنجد)، ووصفه تهلل انهلالاً فی مساربه)، وفی البیتین الثانی والثالث یذكر ما صاحب هذا المطر من رعد یذی لجب)، ومن برق بروق)، مشبهاً البروق بلمعانها ب شبوب البلق تشتعل اشتعالا)، وفی الأبیات الرابع والخامس والسادس والسابع یتحدث عن كثرة الماء فی هذا المطر، وعن النجوم التی أسهمت فی هذه الكثرة، إذ ردّ ذلك إلى نجمی الذراع) و نشاص)، وخلص فی البیتین الثامن والتاسع إلى ما تركه الوسمی من أثر، إذ أحیا الناس حتى أخصبوا، كما عمل على أن یزهر نبات الحوذان الذی شبهه الشاعر بذبالة فیها سراج، وفی البیت العاشر وهو القفل قارن بین المشبه والمشبه به، فالوسمی وما تركه من أثر فی البریة) لیس بأفضل من بلال بن أبی بردة فی عطائه لمن مالت بهم الأیام، وقد حرص ذو الرُمّة أن یربط المشبه بشرط زمنی.

من خلال الأمثلة الشعریة التی قدمت، والتی مصدرها الطبیعة نلحظ الشعراء الأمویین فی حدیثهم عن عناصر الماء یتشابهون ویختلفون، یتشابهون فی توظیف التشبیه الدائری فی مجالی المدح والغزل، ویتشابهون أیضاً فی حرصهم على توافر المكان والزمان للمشبه به، وعلى ربط المشبه -خاصةفی مجال المدح- بشرط زمنی، ویختلفون فی كم عدد الأبیات الشعریة التی تحمل ظاهرة التشبیه الدائری اتساعاً وتفصیلاً أو ضیقاً واقتضاباً، وأعدنا ذلك فی حینه إلى الحاجة النفسیة لدى الشاعر، وإذا ما قارنا بین الشاعر الأموی والشاعر الجاهلی فی حدیثهم عن عناصر الماء فی ظاهرة التشبیه الدائری وجدنا أنّهم یتشابهون ویختلفون أیضاً:

یتشابهون فی حرصهم إلى حدٍ ما على ذكر التفصیلات التی تتعلق بالمشبه به، وخاصة عند الحدیث عن النهر، فكلاهما یبدأ بوصف النهر وصفاً عاماً، وكلاهما یذكر الملاّح وما یعتریه من حذر وخوف، وكلاهما أیضاً یستخدمه فی مجال المدح، ویتشابهون فی كم أبیات التشبیه الدائری، فهی تتراوح بین القلة والكثرة، ویتشابهون فی اقتران المشبه بشرط زمنی، خاصة فی مجال المدح، ویختلفون إلى حد ما فی أن التشبیه الدائری الذی یعتمد على عناصر الماء تكون فیه عناصر القصة فی شعر الشاعر الأموی أكثر وضوحاً منها فی الشعر الجاهلی.(16)

والموضوع الثانی من موضوعات الطبیعة الذی اهتم الشاعر الأموی بتصویره الروضة)، یقول الأخطل:

ما رَوْضَةٌ خضراءُ، أزْهَرَ نَوْرُهَا *** بالقَهْرِ بیْنَ شقایقٍ ورِمَالِ

بَهِجَ الربیعُ لها، فَجَاد نَباتُهَا *** ونَمَتْ بأسْحَمَ وابِلٍٍ هَطّالِ

حتى إذا التفّ النباتُ، كأنّهُ *** لَوْنُ الزّخارِفِ، زُیّنتْ بصِقَالِ

نَفَتِ الصّبَا عَنْها الجَهَامَ وأشرقَتْ *** للشّمْس، غِبّ دُجُنّةٍ وَطِلاَلِ

یَوْماً، بأمْلَحَ مِنْكِ بهجة منطقٍ *** بَیْنَ العَشِیّ وساعةِ الآصالِ(17)

فی هذه الأبیات نلحظ الأخطل قد عمل على توافر الأشیاء التالیة للروضة:

أ- فی البیت الأول وصفها روضة خضراء)، وأزهر نورها)، وحدّد مكانها بالقهر بین شقائق ورمال).

ب- فی البیت الثانی حدّد زمان هذه الروضة الربیع)، وذكر العناصر التی اسهمت فی إبراز جمالها.

ج- فی البیت الثالث عاد الشاعر ثانیة لیصف الروضة حتى إذا التفّ النبات كأنَّهُ لون الزخارف...).

د- فی البیت الرابع عاد الشاعر ثانیة لیذكر العناصر التی أسهمت فی جمال الروضة نفت الصّبا عنها الجهام)، و أشرقت للشمس).

ه- فی البیت الخامس وهو القفل، أجرى الشاعر مقارنة بین المشبه صاحبته)، والمشبه به الروضة)، إذ قال إنّ تلك الروضة الطیبة النضرة الندیة لیست بأجمل من صاحبته، وأمتع من حدیثها معه، عندما یقبل علیها فی العشی.

إنّ حدیث الروضة فی الشعر الأموی یكاد یكون بعامة متشابهاً وإن اختلف فی تفصیلاته بین زیادة ونقصان تبعاً لعدد الأبیات التی ابتناها التشبیه الدائری، فالشاعر یصف الروضة ویذكر مكانها وزمان الحدیث عنها، والعناصر التی تسهم فی إبراز جمالها، ثمّ یقیم المقارنة بین طرفی التشبیه فیما اصطلح على تسمیته ب القفل). إلاّ أنّ بعض الشعراء یبتسر الحدیث عن الروضة، مكتفیاً بوصف نباتها وذكر مكانها والعناصر التی أسهمت فی إخصابها، ثمّ یأتی إلى القفل مقارناً بین طرفی التشبیه، وبهذا یكون قد أسقط زمان الحدیث عنها.(18).

وأشدّ الشعراء ابتساراً عمر بن أبی ربیعة إذ اكتفى بذكر مكان الروضة، ثم قارن بین طرفی التشبیه، مسقطاً زمان الحدیث عن الروضة ووصف نباتها، والعناصر التی أسهمت فی إخصابها(19)، وأوسع من الشاعرین الفرزدق وعمر بن أبی ربیعة تفصیلاً القتّال الكلابی إذ وفّر للروضة المكان، ووصفها، وذكر العناصر التی أسهمت فی إبراز جمالها الندى والصبیب)، ثم جاء بالقفل لیقارن بین المشبه والمشبه به(20)، ومثل صنیع القتال الكلابی كان صنیع ذی الرُمّة، فالروضة یصفها، ویذكر العناصر التی أسهمت فی جمالها، ویذكر نباتها، ثم یقارن بینها وبین المشبه(21)، ولكن الذی كان لافتاً للنظر فی صورة الروضة) فی الشعر الأموی وجه الشبه) الذی ورد فی القفل حیث المقارنة بین طرفی التشبیه الدائری، كأن یكون فی مجال الرائحة(22)، أو فی مجال حدیث الصاحبة(23)، وحرص الشاعر الأموی أیضاً أن یقیّد وجه الشبه بزمان، كأن یكون بعد هجعة، أو بعد النوم، أو بین العشی وساعة الآصال، أو الغدو(24).

وفی هذا المقام یلیق بنا أن نتأمل الروضة فی ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی وقرینتها فی الشعر الجاهلی إذ نخلص إلى تأكید سیر الشاعر الأموی فی فلك الشاعر الجاهلی فی ابتناء عنصر الروضة فی ظاهرة التشبیه الدائری من حیث وصفها وذكر مكانها وزمانها والعناصر التی أسهمت فی صنع جمالها، والمقارنة بین طرفی التشبیه فی القفل، والمجالات التی قام علیها وجه الشبه.(25)

والموضوع الثالث من موضوعات الطبیعة الذی وقف عنده الشاعر الأموی مصوراً -الشمس والبدر، یقول مجنون لیلى:

فما الشمسُ وافَتْ یَوْمَ دَجْنٍ فأشرقَتْ *** ولا البدر وافى أسْعدَ لیلة البَدْرِ

بأحْسَنَ منها أو تزید ملاحةً *** على ذاك أو راءىَ المحبُّ، فما أدری(26)

مضمون البیتین أنّ الشمس فی إشراقها، والبدر فی اللیلة الظلماء لیسا بأحسن من صاحبة الشاعر ملاحة، لقد عمل المجنون على المقارنة بین الشمس والبدر من جهة، وصاحبته من جهة أخرى.

وبعد، فإنّ حدیث الطبیعة فی ظاهرة التشبیه الدائری فی شعر الشاعر الأموی لم یكن على وتیرة واحدة، فقد نال كل من الماء وعناصره والروضة حظوة كبرى من اهتمام الشاعرالأموی، وخلاف ذلك -كحدیث الكواكب ممثلة فی الشمس والبدر- لم یرد إلاّ مرّة واحدة فی نتاجه، كما أنّ دائرة الطبیعة فی ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی كانت أكثر نوعاً وأقلّ كمّاً من قرینتها فی الشعر الأموی.(27)

وأما موضوعات الحیوان التی وردت فی ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی مرتبة على وفق مالها من صدارة، فكانت الظبیة هی الأولى إذ حظیت بسبع صور فی شعر الشعراء الذین اتخذهم البحث عینة للدراسة، فقد صوروها فی حال كونها أماً، وفی حال كونها ابناً، وفی حال تعرضها للصید، أما فی مجال الظبیة الأم، فیقول مجنون لیلى:

فما أمُّ خِشْفٍ بالعَقیقین تَرْعَوى *** إلى رَشَأٍ طِفْلٍ مَفَاصِلُهُ خُدْرُ

بِمُخْضَلّةٍ جادَ الرّبیعُ زُهَاءها *** رَهائِمَ وَسْمیّ سَحَائُبهُ غُزْرُ

وَقَفْنا على أطلال لیلى عَشیّةً *** بأجْرَعِِ حَزْوَى وهی طامِسَةٌ دُثرُ

یُجادُ بهَا مُزنْان: أسحَمُ باكرٌ *** وآخرُ مِعْهادُ الرَّوَاحِ له زَجْرُ

وأوفى على رَوْضِ الخُزَامى نسیمُها *** وأنوارها واخضوضَلَ الوَرَقُ النّضْرُ

رَوَاحاً وقد حَنَّتْ أوائلَ لیْلِها *** روائحُ للإظلام ألوانها كُدْرُ

تُقَلِّبُ عَیْنَیْ خازل بین مُرْعَوٍٍ *** وآثارِِ آیاتٍ وقد راحَتِ العُفْرُ

بأحْسَنَ من لیلى مُعِیدَةَ نظرةٍ *** إلیَّ التفاتاً حین ولَتْ بها السَّفْرُ(28)

فی هذه الأبیات یحدد الشاعر مكان الظبیة الأم بالعقیقین)، ویصف ولیدها طفل مفاصله خدر)، ویذكر مرعى الظبیة الأم بمخضلة) إذ أصابها المطر الوسمی الغزیر جاد الربیع زهاءها رهائم وسمیّ سحائبه غزر)، ویذكر الشاعر مستطرداً أطلال صاحبته لیلى، ووقوفه علیها عشیة)، ویحدد مكان هذه الأطلال فهی بأجرع حزوى)، ویصفها فهی طامسة دثر)، وكعادة الشعراء عند الوقوف بأطلال الصاحبة یذكرون ما انّهلّ علیها من المطر، فقد ألمّ بأطلال لیلى مزنان)؛ واحد منهما وقت البكور وهو أسحم) اللون، وثانیهما وقت العشی له رجز)، ثمّ یعود الشاعر لیستوفی حدیثه عن مرعى أم خشف)، فهی ترعى فی روض الخزامى)، وحدیثه عن تصرفاتها تقلّب عینی خازل بین مرعو وآثار آیات)، لأنّها متوجسة على ولیدها، ثمّ فی القفل یقیم مقارنة بین طرفی التشبیه إذ یقول: إنّ أم خشف لیست بأحسن منظراً من لیلى وهی تنظر مرة تلو أخرى إلى صاحبها المجنون إبّان عزم قومها على السفر، فالشاعر فی هذه المقارنة بین طرفی التشبیه المشبه والمشبه به) وقف عند بعض الصفات المشتركة بینهما، وهی جمال العیون وخاصة زمن سفر القوم ورحیلهم.

ویقول عمر بن أبی ربیعة فی مجال الظبیة الأم أیضاً:

ما ظبیةٌ من ظباء الأرا *** ك تقرو دماث الرّبا عاشبا

بأحسنَ منها غداة الغمیم *** إذا أبدت الخدَّ والحاجبا(29)

حدّد الشاعر مكان الظبیة فهی من ظباء الأراك)، وذكر مرعاها تقرو دماث الرُبا عاشبا)، ثم أقام مقارنة بینهما وبین صاحبته، إذ قال إنّها لیست بأحسن منها إذا أبدت الخدّ والحاجب)، رابطاً ذلك بزمان ومكان؛ الزمان هو الغداة)، والمكان هو الغمیم)، كما ربط تفوق صاحبته فی مجال الحسن بشرط مفاده بروز الخد والحاجب.

ویقول ذو الرُمّة فی الظبیة الأم أیضاً:

فما ظَبْیَةٌ تَرْعى مساقِطَ رملةٍ *** كَسَا الواكفُ الغادی لها وَرَقاً نَضْرا

تلاعاً هَرَاقَتْ عِنْدَ حَوْضى وقابلتْ *** مِنَ الحَبْلِ ذی الأدعاص آملةً عُفْرا

رأتْ أنَسَاً عِنْدَ الخَلاءِ فأقْبَلَتْ *** ولم تُبْدِ إلاّ فی تَصَرّفها ذُعراً

بأحسنَ مِنْ میّ عَشیّةَ حاولتْ *** لتَجْعَلَ صَدْعاً فی فؤادِكَ أوْ وَقْرَا(30)

فی هذا التشبیه قارن ذو الرُمّة بین الظبیة وصاحبته میّ، إذ حدّد المكان الذی ترعى فیه الظبیة مساقط رملة) التی عادها المطر فأخرج من بطنها نباتاً نضراً، وحدّد أین استقر ماء المطر عند حوضى)، وذكر الأرض الفضاء التی كانت تمرح فیها الظبیة فی حبل ذی الأدعاص آملة عُفرا)، وذكر أیضاً من رأته فی تلك الأرض الفضاء وهو الإنسان، ولعله صیاد، وأشد ما یبهر أنّ الظبیة أثناء ذلك لم تفزع ذلك الفزع، ولم تنفر نفاراً قبیحاً أكثر من أنّها مدّت عنقها، فهی مطمئنة، إنّ ظبیة ذی الرُمّة فی المشبه به)، لیست بأحسن من میّ المشبه) صاحبته عشیّة حاولت لتجعل صدعاً فی فؤاده أو وقرا).

من خلال الأمثلة نلحظ أنّ الشعراء الأمویین قد تشابهوا فی الحدیث عن الظبیة كطرف من أطراف التشبیه الدائری إلى حدٍ ما، إذ حددوا مكانها، والمرعى الذی ترتاده، وما أصابه من مطر، وبعضهم ذكر مراعاتها لولدها، كما تشابهوا أیضاً فی الحدیث عن المرأة كطرف آخر من أطراف التشبیه الدائری، فهی دائماً الأحسن فی جمال نظرات عیونها، والأحسن فی جمال وجهها، والأحسن فیما یصدر عنها من دلال وتصرفات وحركات لها أثرها فی صاحبها، إذ تجعله متیماً مكبلاً لما أبدته من تمنع وصدّ، ولا ینسى الشاعر الأموی أن یشیر إلى الزمن الذی تكون فیه صاحبته أحسن وأجمل من الظبیة، كأن یكون عشیة) أو غداة)، ولم ینس أیضاً أن یذكر المكان الذی یسهم فی الحسن والجمال كأن یكون الغمیم)(31).

وعند موازنة ما لحظناه فی شعر الشاعر الأموی إبّان حدیثه عن الظبیة الأم بشعر الشاعر الجاهلی فی مضمار ظاهرة التشبیه الدائری -بحكم أنّ تطابقاً عمیقاً فی حدیثهما عن الظبیة الأم، فكلاهما حدّد مكان الظبیة المشبه به)، وحدّد مرعاها وما ترعاه، والوسائل التی أسهمت فی جعل المرعى غثاء أحوى، وتمّ هذا التطابق إلى حدٍ ما بینهما أیضاً فی حدیثهما عن المرأة المشبه)، فكلاهما جاء حدیثه عن جمال المرأة، وإن كل حدیث الشاعر الأموی أوسع فضاء، إذ ذكر بالإضافة إلى جمال العیون، جمال الوجه، وجمال حركات الدلال.(32).

وفی مجال الظبیة الابن یقول الأخطل:

فما شَادِنٌ یَرْعَى الحِمَى وریاضَها *** یَرُودُ بِمَكْحُولٍٍ نؤومٌ مُوشحُ

بأحْسَنَ مِنْها یَوْمَ جَدَّ رحیلُنا *** مع الجَیْشِ لا بلْ هِیْ أبضُّ وأصبحُ(33)

لقد حدد الشاعر المكان الذی یرعى فیه ولد الظبیة الحمى وریاضها)، ووصفه فهو مكحول)، لما غشی عینیه من سواد كالكحل، وهو نؤوم) كنایة عن صوته الخافت، وفی البیت الثانی أقام الشاعر مقارنة بین طرفی التشبیه؛ الشادن المشبه به)، وصاحبته المشبه)، إذ یقول: إنّ الشادن الذی یرتعی الحمى والریاض، یقبل ویدبر فیها، مرحاً مصوتاً بصوته الخافت، ومكحول العینین -لیس بأجمل من صاحبته إذ طالعته یوم الفراق، بل إنّها أملح منه وأشدّ رقة.

لمثل هذا ذهب الشاعر الجاهلی إذ ركّز على جمال عینی ولد الظبیة، وذكر مرعاه ومكانه، وقارنه بصاحبته، إلاّ أنّ صاحبته أحسن منه(34).

أما الظبیة فی مجال الصید، فیقول جریر:

فما عَصْمَاءُ لا تحْنو لإلفٍ *** تَرَعّى فی ذُرَى الهَضْب البَشَامَا

ترى نَبْلَ الرُماة تطیْشُ عنها *** وإنْ أخَذَ الرُمَاةُ لها سِهَامَا

مُوَقاةٌ إذا تُرْمَى، صَیُودٌ *** مُلَقَّاةٌ، إذا ترْمی الكِرَامَا

بأنْوَرَ مِنْ أُمَامَةَ، حین تَرجو *** جَدَاها، أو تَرُوُمُ لها مَرامَا(35)

یصف الشاعر الظبیة فهی ذات لون أبیض عصماء)، ویذكر مرعاها فی ذرى الهضب)، ویذكر النبات الذی ترعاه البشام)، ویذكر أیضاً ما تعرضت له من خطر إذ رمیت بالنبل، إلاّ أن نبل الرماة تطیش عنها)، إنّها موقاة)، علماً أنّ هذه النبل لو رمی بها الكرام لأدمتهم، ثم -فی بیت القفل- یقارن الشاعر بین المشبه أمامة) والمشبه به عصماء)، فالظبیة التی ترعى البشام فی ذرى الهضب، والتی تعرضت لسهام الرماة، لیست كأمامة فی إشراقها وضیائها، رابطاً ذلك بوقت یرجى معه جداها، وتروم لها مراما).

والموضوع الثانی من موضوعات الحیوان الذی ورد فی الشعر الأموی فی ظاهرة التشبیه الدائری الناقة) بوصفها أماً، یقول مجنون لیلى:

فما أُمُّ سَقْبٍ هالِكٍ فی مَضَلّةٍ *** إذا ذكرتْهُ آخرَ اللیل حَنَّتِ

بأبْرَحَ مِنی لوعةً غیر أننی *** أُجمجمُ أحشائی على ما أَكَنَّتِ(36)

فی هذین البیتین وصف الشاعر أم سقب) وولدها ال هالك)، وحدّد المكان فی مضلّة)، وذكر حنین الأم لولدها آخر اللیل حنَّت)، ودافعها الحب واللوعة والخوف علیه من سباع الأرض، ومع ذلك فعندما أجرى الشاعر مقارنة بین طرفی التشبیه؛ الناقة وذاته، قال: إنّ هذه الناقة لم تكن فی لوعتها على سقبها بأبرح) وأوسع من لوعة الشاعر على صاحبته لیلى، غیر أنّه یكتم ذلك طیّ أحشائه.

والموضوع الثالث الذی ینتمی إلى الحیوان، ووقف علیه الشاعر الأموی فی ظاهرة التشبیه الدائری- البقرة الوحشیة، یقول جریر:

ما ذاتُ أرْوَاقِ تَصَدّى لُجؤْذرٍ *** بحیثُ تلاقى عَازِبٌ فالأواعِسُ

بأحْسَنَ مِنْها یوم قالت: ألا تَرى *** لِمَن حَولَنا فیهم غیورٌ ونافسٌ(37)

یقارن جریر فی بیتیه بین طرفین ؛ صاحبته وبقرة وحشیة، ویصف البقرة فهی ذات أرواق)، وهی أم الجؤذر)، وقد أجرى الشاعر لقاء بین البقرة الوحشیة الأم وولیدها الجؤذر فی مكان عازب فالأواعس)، وخلص فی مقارنته إلى أنّ البقرة الوحشیة لم تكن بأحسن من صاحبته فیما صدر عنها من قول ألا ترى لمن حولنا فیهم غیور ونافس).

والموضوع الرابع الذی مصدره الحیوان، وورد فی ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، قول الأحوص الأنصاری فی بیضة النعام:

فما بَیْضَةٌ باتَ الظَلیمُ یَحُفّها *** ویجعلها بَیْنَ الجَنَاحِ وحَوْصَلهْ

بأحْسَنَ منها یوم قالت تدَلُّلاً *** تَبَدَّلْ خلیلی، إننی مُتَبدّ لهْ(38)

من عادة أسرة النعام فی الشعر العربی القدیم أن یتقاسم الظلیم وزوجه حضانة البیض والفراخ، وظنی أنّ دور الظلیم فی الحضانة یحكیه البیتان الشعریان، فقد حدّد الشاعر زمن جلوس الظلیم على بیضه بات)، وحدّد المكان الذی نزله البیض من الظلیم بین الجناح وحوصله)، فهذه البیضة وما توافر لها من نعمة الحضانة لیست بأحسن من صاحبة الأحوص الأنصاری إذ قالت تدللاً تبدّل خلیلی، إننی متبدلة).

والموضوع الخامس الذی یرتد إلى - الأسد، یقول جریر:

فما مُخْدِرٌ وَرْدٌ بِخَفَّانَ زَارُهُ *** إلى القِرْنِ زَجْرَ الزّاجرینَ توَّرَدا

بأمضى من الحجَّاجِ فی الحرب مُقْدِماً *** إذا بعضُهُمْ هاب الخِیَاضَ فعرَّدا(39)

فأسد جریر من أسد خفّان) وزئیره فیه زجر لقرنه، ثم قارن الشاعر فی القفل بین طرفی التشبیه، المشبه به الأسد)، والمشبه الحجاج)، وخلص إلى أنّ الحجاج فی مضائه وإقدامه زمن الحرب أمضى من الأسد فی زئیره، رابطاً وجه الشبه بشرط مفاده: إذا ما تقاعس الخائفون وفرّ المذعورون.

وبعد فإن حدیث الشاعر الأموی عن الحیوان الذی ذكرنا فی مجال التشبیه الدائری یكاد یلتقی فی بوتقة واحدة، فجلّ الشعراء فی حدیثهم عنها، توخَّوْاً أن یتوافر للطرف الثانی المشبه به) المكان والزمان، بینما عملوا على أن یتوافر للطرف الأول المشبه) التفوق على الطرف الثانی، فی مجالات كثیرة كأن یكون فی مجال جمال العیون، وفی حسن القول والحدیث، وفی بهاء الوجه وإشراقه، وفی تتیّم المحبوب، كما حرصوا أیضاً أن یتوافر للطرف الأول المشبه) الزمان، كأن یكون لیلاً، أو عشیة، أو یوم الرحیل، أو غداة، وقلّما عملوا على توافر المكان للطرف الأول، إلاّ مرة واحدة، إذْ أورد عمر بن أبی ربیعة لفظ الغمیم) فی شعره(40).

والمتأمل فی الأمثلة التی قدمناها فی موضوع الحیوان، یجد أنّها جاءت جمیعاً فی مجال الغزل باستثناء مثال واحد جاء فی مجال المدح إبّان المقارنة بین الحجاج والأسد، فالممدوح أشدّ مضاءً وإقداماً من الأسد.

والشاعر الأموی فیما ذهب إلیه فی حدیثه عن صور الحیوان یسیر فی فلك الشاعر الجاهلی، ویقتفی أثره، ویترسم خطاه، وهذا یدعم ما قلناه فی الصفحة الأولى من صفحات البحث: إنّ الشعر الأموی امتداد للشعر الجاهلی فی فنیته وموضوعاته، فقد صنع الشاعر الجاهلی الشیء نفسه، إذ وفّر المكان والزمان للمشبه به، ووفّر التفوق الجمالی للمشبه(41).

كما اتفق الشاعران فی أن تكون صورة المرأة مقترنة وصورة الظبیة، وصورة الممدوح مقترنة وصورة الأسد، وزیادة على ذلك جعل الشاعر الأموی صورة المرأة تستحضر صورة بیضة النعام.

وأما موضوعات الإنسان فی التشبیه الدائری فلها غیر صورة منها أشیاء الإنسان الحیاتیة، ومنها الموضوعات الاجتماعیة التی شغلت بال الإنسان الأموی، أما أشیاء الإنسان الأموی، فیحكیها الشاعر ذو الرُمّة، ممثلة فی مزادتیه:

وما شَنّتا خَرْفَاءَ واهِیَتَا الكُلَى *** سقى بهما ساقٍٍ ولمّا تبلّلا

بأضْیَعَ مِنْ عیَنَیْكَ للدّمعِ كُلّما *** تذكرتَ رَبْعاً أو تَوهّمت مَنْزِلاً(43)

فی البیت الأول وصف ذو الرُمّة صاحبته بأنها خرقاء)، ووصف مزادتیها، فهما واهیتا الكلى)، وهما أیضاً سقى بهما ساق)، فماؤهما قد انسرب بسبب ذلك، وفی البیت الثانی، حیث القفل، قارن الشاعر بین المشبه والمشبه به، بین عینی الشاعر و شنتا خرقاء)، ووجه الشبه تضییع الماء، وخلص إلى أنّ المزادتین الخلقتین إذ انسرب الماء منهما لیستا بأضیع من عینی الشاعر فی ذرف دمعهما، وربط ذلك بشرط مفاده: تذكر الربع أو توهم المنزل.

أما الموضوعات التی شغلت بال الإنسان الأموی فمنها الوجد)، یقول مجنون لیلى:

فما وجْدُ أعرابیةٍ قَذَفَتْ بها *** صُروفُ النّوى من حیث لم تَكُ ظَنّتِ

إذا ذكرت نجداً وطیب ترابه *** وخیمة نَجْدٍ أعْوَلَتْ وأرنّتِ

بأكثر منّی حُرْقَةً وصبابةً *** إلى هضَباتٍ باللّوى قدْ أظلّتِ(43)

فی هذه الأبیات یحكی الشاعر العناصر التی ولّدت وجد الأعرابیة، منها: صروف النوى)، ومنها إذا ذكرت نجداً وطیب ترابه)، وإذا ذكرت خیمة نجد)، ثمّ یحكی أثر هذا الوجد فی الأعرابیة أعْوَلَتْ وأرنّت). وفی البیت الثالث حیث القفل) یقارن الشاعر بین المشبه هو) أی الشاعر، والمشبه به وهو وجد الأعرابیة)، ویخلص إلى أنّ وجد الأعرابیة لیس بأكثر مما أصابه من حرقة وصبابة) تجاه ذاك المكان الذی أحبه هضبات باللّوى).

ومنها الهجاء، یقول الفرزدق:

وما شیءٌ بأضْیَعَ مِنْ قُشَیْرٍ *** ولا ضأْنٌ تَرِیعُ إلى خَیَالِ(44)

باقتضاب شدید، قدّم الفرزدق طرفی التشبیه، المشبه والمشبه به فی الشطر الأول من البیت الشعری، مقیماً بینهما مقارنة مفادها: لا شیء أضیع وأحقر من قشیر.

ومنها الثأر، یقول ذو الرُمّة:

وما كان ثأر لامرئ القیس عندنا *** بأدنى من الجوزاء لولا مُهاجرُ(45)

إن إدراك بنی امرئ القیس للثأر منا، لیس بأدنى من الجوزاء على بعدها، لولا مهاجر والی الیمامة الذی مكّنهم، والبیت یحمل مقارنة بین طرفی التشبیه؛ المشبه الجوزاء)، والمشبه به ثأر بنی امرئ القیس).

ومنها الجود، یقول جریر:

فما كَعبُ بن مامةَ وابن سُعْدى *** بأجُودَ مِنْكَ یا عُمَرَ الجَوَادَا(46)

تكمن ظاهرة التشبیه الدائری فی هذا البیت الشعری فی المقارنة بین طرفی التشبیه المشبه ویمثله الخلیفة عمر بن عبد العزیز)، والمشبه به ویمثله كعب بن مامة وابن سعدی)، فذان الرجلان لیسا بأجود من عمر بن عبد العزیز.

بعد الوقوف على النماذج الشعریة الخاصة بموضوعات الإنسان فی التشبیه الدائری فی الشعر الأموی نقول: إنّها قلیلة كماً ونوعاً، وهی دون ما یقابلها فی الشعر الجاهلی نضجاً.(47)

بعد أن تحدّث البحث عن موضوعات التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، سواء أكانت تنتمی إلى دائرة الطبیعة أم الحیوان أم الإنسان، فمن المفید أن ننعم النظر متفحصین النماذج الشعریة التی أوردها البحث لنرى مدى اقتفاء الشاعر الأموی آثار الشاعر الجاهلی، ولنرى ما انفرد به، ولكی یتم ذلك، لا بد من التعرف إلى ما خلصت إلیه النماذج الشعریة التی اعتمدها التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، لقد ركزت نماذج التشبیه الدائری الشعریة فی الشعر الجاهلی على الاهتمام بالحدث وشخوصه، والاهتمام بالمكان والزمان، كما ركزت على توافر القصص الخرافی الذی مردّه إلى العقلیة الجاهلیة الأسطوریة، وهی قصص لم تخل فی الوقت نفسه من الضبط الواعی لتألیف عناصرها(48)، إن الفاحص المتأمل فی نتاج التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، یخلص إلى تحقیق ما تحقق للتشبیه الدائری فی شعر الشاعر الجاهلی؛ من تركیز على الحدث والشخوص، والمكان والزمان، والعمل على توافر روح القصة(49)، لكنها قصة لا تنجسم والجانب الخرافی، لأنها كانت نتاج عقل واع لما هو فیه، فالشاعر الأموی ینتمی إلى دائرة الإسلام، والإسلام طهر عقله من الأساطیر والخرافات، فهو إن نثر روح القصة فی ظاهرة التشبیه الدائری، لا یطلق العنان لفكره أن ینتج نماذج علیا؛ كالرجل المثال، والمرأة المثال، كما صنع الشاعر الجاهلی(50)، فمجیء الإسلام یعد ثورة غیرت من حیاة العرب الجاهلیین ومن طبیعة المجتمع العربی فی العصر الجاهلی فی شتى جوانبه تغییراً بعید المدى، فقد جاء الإسلام داعیاً إلى الإیمان بدین واحد، ورب واحد لا شریك له، ونبذ عبادة الأصنام والأوثان، وجاء ثورة أدبیة أیضاً غیرت من الصورة التی كان علیها المجتمع الأدبی فی العصر الجاهلی، لذا لا مجال للقصة الخرافیة الأسطوریة فی شعر الشاعر الأموی، فقصته إن لم تكن واقعیة، فإنها تجری على نمط الفنیة الجاهلیة شكلاً، لا رمزاً وإیحاءً یصب فی التیار الخرافی الأسطوری.

وجملة القول إن ظاهرة التشبیه فی الشعر الأموی -وما توافر لطرفیها من تحدید للمكان والزمان، ومن أحداث وشخوص، ومن روح قصصیة جاء بها تفكیر واقعی أشرق بنور ربه، لا یشوبه فكر خرافی أسطوری- لم ترق إلى منزلة قرینتها فی الشعر الجاهلی، لما توافر لطرفی ظاهرة التشبیه الدائری فیه من أحداث وشخوص، وتحدید للمكان والزمان یكاد لا یخلو من ذلك نموذج شعری جاهلی یقع فی دائرة الدراسة، وهذا ما لم یتحقق فی كل نموذج من النماذج الشعریة الأمویة (51)، ومما لحظه البحث أیضاً، ما ذهبت إلیه دراسة التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی) من تحقیق الوحدة العضویة المحكمة فی كثیر من القصائد التی ورد فیها التشبیه الدائری، بل عمقت الدراسة المقولة إذ ذهبت إلى أن التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی شكل للقصیدة وحدتها العضویة لأنه حوى أكثر أبیاتها(52). فمما لا شك فیه أن من یستقرئ نماذج التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، ویتأملها فی القصائد التی وردت فیها، یخلص إلى أن هذه الظاهرة تسهم فی بناء الوحدة العضویة فی القصیدة الأمویة كقرینتها فی القصیدة الجاهلیة، وشاهدنا أن كثیراً من النصوص الشعریة التی وردت فیها الظاهرة حدث لها انفجار فی طرفی التشبیه. وبخاصة فی المشبه)، فكثیراً ما تجاوز القفل) وتعداه إلى أبیات كثیرة، ولعل انفجار هذه الظاهرة یؤدی إلى إنشاء تشبیه دائری جدید، فهذا قول الأخطل یقارن بین صاحبته وولد الظبیة:

فما شادنٌ یَرعى الحِمىَ وریاضَها *** یَرودُ بمكحُولٍٍ نؤومٌ مُوَشَّحُ

بأحسَنَ منها یَومَ جَدَّ رحیلنا *** مع الجیش لا بل هیْ أبضُّ وأصبحُ

وأحسنَ جیداً فی السحاب ومضحكاً *** وأنجَلُ منها مُقْلتَینِ وأملحُ

لها أرَجٌ جُنْحَ العِشاء كأَنَّهُ *** بمْسكٍ وبالكافور یُطلَى ویُنضَحُ

بأطیبَ مِنْ أرْدانِ دَلفاء بعدما *** تَغُورُ الثریّا فی المساء فتَجْنَحُ

إذا اللیلُ ولَى واسْبَطَرَّتْ نُجُومُه *** وأسْفَرَ مشهورٌ من الصُّبْحِ أفضحُ(53)

وردت ظاهرة التشبیه الدائری بطرفیها؛ المشبه والمشبه به، فی البیتین الأول والثانی، وعقدت المقارنة بینهما فی البیت الذی اصطلح على تسمیته ب القفل)، ولكن هذه الظاهرة بطرفیها أیضاً انفجرت مرة ثانیة، وخرجت من بیت القفل) الذی فیه المقارنة، وامتدت إلى الأبیات التی تلی، لتشكل قفلاً ثانیاً لتقع هذه المقارنة بین الشادن وصاحبة الشاعر، فالشادن لیس أجمل عنقاً ومَبْسماً، ولیس أوسع مقلة وأجمل من صاحبته، ولم تكتف هذه الظاهرة بما ذهبت إلیه، فقد أخذت تصف المشبه بإسهاب، ثمّ جاءت بقفل ثالث لتقارن بین المشبه والمشبه به، إذ قال: إنّ الطیب الذی یُطلى ویمزج بالمسك والكافور، والذی یشتدّ تضوعه فی المساء، إن ذلك الطیب لیس بأشدّ من الطیب الذی یتضوع من أكمام قمیص صاحبته ذلفاء)، وربط ذلك بشرط زمنی مفاده قبیل الصبح عندما تفسُدُ الأطیاب والأنفاس.

ویقول مجنون لیلى أیضاً:

فما وجْدُ أعرابیة قذفتْ بها *** صرُوفُ النَّوَى من حیث لم تَكُ ظنَّتِ

إذا ذكرت نجداً وطیب ترابه *** وخیمةَ نَجْدٍ أعْوَلَتْ وأَرنَّتِ

بأكثر منّی حُرْقةً وصبابةً *** إلى هضباتٍ باللِّوى قدْ أظلَّتِ

تمنَّتْ أحالیب الرِّعاءِ وخیمةً *** بنجد فلم یُقْدَرْ لها ما تَمَنَّت

إذا ذكرت ماءَ العضاء وخیمةً *** وبرد الضحى من نحو نَجدٍ أرَنَّتِ

لها أنّةٌ قبل العِشاء وأَنةٌ *** سُحَیْرَاً فلولا أنَّتاها لَجُنَّتِ

بأَوْجَدَ من وجدٍ بلیلى وجدتَهُ *** غَدَاة ارتحلنا غدوةً واطمأَنَّتِ(54)

فإذا كان نموذج الأخطل الشعری حكى انفجار الظاهرة فی المشبه، فإنّ انفجارها فی نموذج مجنون لیلى الشعری وقع فی المشبه به، وكان من نتائج انفجار ظاهرة التشبیه الدائری الإتیان بقفل ثانٍ یتمثل فی قول الشاعر:

بأوْجَدَ من وجْدٍ بلیلى وجدَتهُ *** غَدَاةَ ارتحلْنا غدوةً واطمأَنَّتِ

إنّ ما لحظناه فی النموذجین السابقین، من انفجار فی ظاهرة التشبیه الدائری سواء فی المشبه أو فی المشبه به، أو فی كلیهما، لیعدّ علامة من علامات الوحدة العضویة التی تنهض بها الظاهرة فی الشعر الذی ترد فیه.

وبعد هذه السیاحة مع ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی، والوقوف على مواضع ورودها والمصادر التی تردّ إلیها، وتوصیفها، وموازنتها بقرینتها فی الشعر الجاهلی، نخلص إلى إدراك الشاعر الأموی ما كان فیه الشاعر الجاهلی من قدرة فی خلق فنَّه، إذ نهج نهجه، وترسم خطاه إلى حدٍ ما، كما جاءت الظاهرة التی ندرس تؤكد توافر الفن الجاهلی وامتداده فی الفن الأموی.

الهوامش

1- انظر الدراسة التی أقامها الدكتور عبد القادر الرباعی بعنوان "التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی"، المجلة العربیة للعلوم الإنسانیة، الكویت، العدد السابع عشر، المجلد الخامس، سنة 1985، ص 130، فالعینة التی اعتمدتها الدراسة تتكون من اثنین وعشرین شاعراً، لهم ثمانیة وخمسون تشبیهاً، فبالمقارنة مع العینة التی اعتمدها البحث الذی نحن بصدده، نخلص إلى أنّ حضور ظاهرة التشبیه الدائری فی الشعر الأموی أكثر كماً ونوعاً من التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی.

2- التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، د. عبد القادر الرباعی، من صفحة 128-130.

3- العصر الجاهلی، د. شوقی ضیف، دار المعارف بمصر، ط8، سنة 1977، ص 365.

4- فی النقد الأدبی، لإیلیا الحاوی، ط دار الكتاب اللبنانی، بیروت، سنة 1979م، ط4، ج2، ص 145، انظر شرحه لقصیدة متمم بن نویرة فی رثاء أخیه مالك، وانظر شعر متمم فی الكتاب نفسه وهو یتحدث عن حزن النوق).

5- تاریخ الشعر العربی، نجیب محمد البهبیتی، دار الفكر للطباعة والنشر، طبعة القاهرة، سنة 1950م، ص 95.

6- انظر: التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 130.

7- انظر: مجریات بحث "التشبیه الدائری فی الشعر الأموی وموازنته بالشعر الجاهلی". الذی نحن بصدده، إذ جاء اهتمام الشاعر الأموی مبایناً لاهتمام الشاعر الجاهلی.

8- تاریخ الشعر العربی فی العصر الإسلامی، د. یوسف خلیف، طبعة دار الثقافة بالقاهرة، سنة 1976م، ص 23.

9- انظر التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 134.

10- شرح دیوان الأخطل التغلبی، إیلیا الحاوی، بیروت، سنة 1968م، ص 91.

المزبد: النهر الكثیر الزبد، حامر: ناحیة بین منبج والرقة على شط الفرات، الخیزران: نوع من الشجر المعروف، غرقد عوسج، تحرّز: أی تهیّب منه وأعدّ له ما یقیه أذاه، یقمّص: أی یثیر اضطرابه، المشیح: المجرَّب، المجدّ، الآذی: الموج، جون: هنا أبیض، المطرّد: الذی یتبع بعضه بعضاً، زفا: حثّ، القراقیر: جمع قرقور، السفینة الطویلة، بنات الماء: طیوره، حجراته: نواحیه، دیاف وصرخد: قریتان، بخته: إبله الخراسانیة.

11- انظر التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 134.

12- الدیوان، لعمر بن أبی ربیعة المخزومی، إعداد وتحقیق علی ملكی، منشورات دار إحیاء التراث العربی، بیروت، د. ت، ص 258.

13- الدیوان، لذی الرُمّة، غیلان بن عقبة ت 117ه)، تحقیق الدكتور عبد القدوس أبو صالح، دمشق، 1973م، ج 2، ص 867، الثغب: الغدیر العذب، تصفقه الصّبا: أی تردده وتضربه، النهی: الغدیر، أباقته: ملأته، الروائح: السحب تمطر لیلاً، رمّان: موضع.

14- الدیوان، لجریر بن عطیة الخطفی ت 114ه)، دار صادر ودار بیروت، سنة 1964م، ص 123، غواربه: أعالی موجه، الآذی: الموج، السیب: العطاء، سجالكم: الواحد سجل، وهی الدار العظیمة.

15- دیوان ذی الرُمّة: ج3، ص 1549، الوسمی: المطر والغیث، تهلّل: صبّ، انهلالاً: انصباباً، بذی لجب: أی له صوت، وهو صوت الرعد، البُلق: الخیل، شبوب الخیل: أی كما تشب الخیل، العرق: كل موضع فیه نبات، الرغیب: الواسع، البوارق: السحاب فیه برق، والواحدة بارقة، منقمس الثریا: مغیبها، طلال: من الطل، وهو الندى، الساحیة: المطرة التی تقشر الأرض، الذراع: نجم، انسحل، أی تبع بعضه بعضاً، سجوم: صبوب، اكتهل: تمّ وطال، نشاص: نجم، العزلاء: مصب الماء، یشب: یشعل، الحوذان:نبت.

16- لو أجرینا مقارنة بین النماذج الشعریة التی تتعلق بعناصر الماء فی الشعر الأموی، والنماذج الشعریة التی تتعلق بعناصر الماء فی الشعر الجاهلی، والواردة فی ص 134، ص 135، لرأینا تحقیق ما ذهبنا إلیه.

17- شرح دیوان الأخطل، ص 550، القهر: موضع فی أسافل الحجاز، الشقیقة: الفرجة بین جبلین، النّور: الزّهر، الأسحم: السحاب المتكاثف الغیوم، الصّبا: الریح الشرقیة، الجَهام: السحاب البادی العُبوس، الدُجُنّة: هنا الغمام المطبق، الطلال: جمع طل وهو الندى، أو المطر الخفیف.

18- انظر الدیوان، للفرزدق، همام بن غالب بن صعصعة ت114ه)، دار صادر، بیروت، ج 2، ص 85.

19- دیوان عمر بن أبی ربیعة، ص 228.

20- انظر كتاب تاریخ الأدب العربی، للدكتور عمر فروخ، دار العلم للملایین، بیروت، ط4، سنة 1981م، ج1، ص 435.

21- دیوان ذی الرُمّة، ج2، ص 958.

22- المصدر السابق نفسه.

23- شرح دیوان الأخطل، ص 550، ودیوان عمر بن أبی ربیعة، ص 228، ودیوان الفرزدق، ج2، ص 85.

24- انظر إلى مظان النماذج الواردة فی البحث الذی نحن بصدده، فهی تشیر إلى مصادرها ومراجعها.

25- التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 135.

26- دیوان مجنون لیلى، قیس بن الملوّح، تحقیق عبد الستار فراج، دار مصر للطباعة، د. ت، ص 167.

27- التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 136.

28- دیوان مجنون لیلى، ص 128، خدر: جمع أخدر، ولعله من الخدر وهو الثقل والفتور، ویراد بذلك ضعفه، الخشف: ولد الظبیة، الرهائم: الأمطار، الوسمی: أول مطر الربیع، الخازل: المنقصف الظهر، المرعوی: الراجع، العفر: جمع أعفر، وهو نوع من الظباء. السفر: المسافرون.

29- دیوان عمر بن أبی ربیعة، ص 259، تقرو: تتبع، الدماث: جمع دمث، وهو المكان السهل المرتقى، الرّبا: جمع ربوة، وهی ما ارتفع من الأرض، عاشباً: ذا نبات، غداة الغمیم: أراد غداة التقینا فی الموضع المسمى بالغمیم.

30- دیوان ذی الرُمّة، ج3، ص 1414، مساقط الرملة: الواحد مسقط، وهو منقطعها، الواكف: المطر، نضر: أخضر، التلاع هراقت عند حوضى: أی كان مصبها عند حوضى، قابلت: استقبلت، الحبل: من الرمل ما طال منه، آملة: رملة، عُفر: بیض تضرب إلى الحمرة، أنساً: أی إنساناً، عند الخلاء: عند الخلوة، الوقر: تأثیر فی العظم.

31- انظر فی النماذج الشعریة التی أوردناها فی الظبیة الأم.

32- وازن بین ما أورده الشاعر الأموی إبان حدیثه عن الظبیة الأم فی هذا المجال وما ورد فی التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی)، ص 131.

33- شرح دیوان الأخطل، ص 640، الشادن: ولد الظبیة الذی فطم عن أمّه، الحمى: ما یحمى من الأرض حول البیت أو سواه، یرود: یُقبل ویدبر، المكحول: هو الذی غشی عینیه سواد كالكحل، النؤوم: الذی له صوت خافت، أبض: أرق.

34- التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 131.

35- دیوان جریر، ص441، الملقاة: المقابلة بالشر، عصماء: صفة للظبیة لبیاضها.

36- دیوان مجنون لیلى، ص 87، السقب: ولد الناقة.

37- دیوان جریر، ص 253، أرواق: الواحد روق وهو القَرْن، وأراد بذات أرواق: البقرة الوحشیة، عازب والأواعس: موضعان.

38- شعر الأحوص الأنصاری، جمع وتحقیق عادل سلیمان جمال، الهیئة المصریة العامة للكتاب، سنة 1977م، ص 176، الظلیم: ذكر النعام، الحوصلة من الطائر: بمنزلة المعدة من الإنسان.

39- دیوان جریر: ص 146، الخیاض، خوض الحرب، عرّد: هرب وفرّ.

40- انظر دیوان عمر بن أبی ربیعة، ص 259.

41- التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی، ص 131-134.

42- دیوان ذی الرُمّة، ج3، ص 1897، شنّتا: الواحدة شنة، وهی القربة الخّلق، واهیتان: خلقتان.

43- دیوان مجنون لیلى، ص 85.

44- دیوان الفرزدق، ج2، ص 64، تریع: تضطرب وتخاف.

45- دیوان ذی الرُمّة، ج3، ص 1756، مهاجر: هو المهاجر بن عبد الله الكلابی والی الیمامة، ومن ممدوحی ذی الرُمّة.

46- دیوان جریر، ص 107، كعب وابن سُعدى كلاهما من أجواد العرب.

47- انظر التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی)، ص 136-140.

48- المرجع السابق من صفحة 140-142.

49- یمكن رصد ذلك من خلال التأمل فی نماذج النهر الواردة فی البحث الذی نحن بصدده، وكذلك فی نموذج المطر الوسمی، ونماذج الروضة والظبیة.

50- انظر التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی)، ص 145، وقارنه بالنماذج الشعریة الواردة فی البحث الذی نحن بصدده.

51- یمكن إدراك ذلك إذا تمت المقارنة الدقیقة بین النماذج الأمویة والنماذج الجاهلیة فی نطاق الشعر.

52- انظر التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی) ص 143 وما بعدها.

53- شرح دیوان الأخطل، ص 640 وما بعدها.

54- دیوان مجنون لیلى، ص 85، 86.

 المصادر والمراجع

1- الأحوص الأنصاری، دیوانه، جمع وتحقیق عادل سلیمان جمال، الهیئة المصریة العامة للكتاب، القاهرة، سنة 1977.

2- الأخطل التغلبی، دیوانه، شرح إیلیا الحاوی، بیروت، سنة 1968م.

3- إیلیا الحاوی، فی النقد الأدبی، طبعة دار الكتاب اللبنانی، بیروت، سنة 1979م.

4- جریر بن عطیة الخطفی، دیوانه، دار صادر ودار بیروت، سنة 1964م.

5- ذو الرُمّة، غیلان بن عقبة، دیوانه، تحقیق عبد القدوس أبو صالح، دمشق، سنة 1973م.

6- شوقی ضیف، العصر الجاهلی، دار المعارف بمصر، ط8، سنة 1977م.

7- عبد القادر الرباعی، بحثه الموسوم ب "التشبیه الدائری فی الشعر الجاهلی". المجلة العربیة للعلوم الإنسانیة الكویت، العدد السابع عشر، المجلد الخامس، سنة 1985م.

8- عمر بن أبی ربیعة، دیوانه، إعداد وتحقیق علی ملكی، منشورات دار إحیاء التراث العربی، بیروت، د.ت.

9- عمر فروخ، تاریخ الأدب العربی، دار العلم للملایین، بیروت، ط4، سنة 1981م.

10- الفرزدق، همّام بن غالب بن صعصعة، دیوانه، دار صادر، بیروت، د. ت.

11- مجنون لیلى، قیس بن الملوّح، دیوانه، تحقیق عبد الستار فرّاج، دار مصر للطباعة، د. ت.

12- نجیب محمد البهبیتی، تاریخ الشعر العربی، دار الفكر للطباعة والنشر، القاهرة، سنة 1950.

13- یوسف خلیف، تاریخ الشعر العربی فی العصر الإسلامی، طبعة دار الثقافة بالقاهرة، سنة 1976.

(1) أستاذ مشارك فی قسم اللغة العربیة وآدابها فی جامعة الیرموك، دكتوراه فی الأدب القدیم ونقده

مجلة التراث العربی-مجلة فصلیة تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق






نظرات:



متن امنیتی

گزارش تخلف
بعدی